في منتصف عام 1981 طلب السادات إجراء مراجعة
حسابية لشركة حسين سالم ديترسام/أيتسكو» واكتشف المراجعون أن هناك عمليات نهب
واسعة وعمولات بملايين الدولارات وأن نائبه حسني مبارك كان شريكا سريا ويتلقي
عمولات من حسين سالم من وراء ظهره وغضب السادات بعدما علم أن شركة حسين سالم
ومبارك قامت بعمليات نقل أسلحة لأفغانستان بدون علمه ثم جاء اغتيال السادات لكي
يغلق كل الملفات الخاصة بشركة حسين سالم وحسني مبارك.
كانت جريدة العربي الناصري قد نشرت في عددها
الصادر بتاريخ 19-6-2005 تقريرا مبني على أقوال أحد الشهود مفاداة أن السادات كان
ينوي طرد مبارك وتعيين غيره نائبا لرئيس الجمهورية. كان السادات قد أخبر مبارك
بعزمه تعيين غيره في أواخر سبتمبر من عام 1981 بسبب قيام مبارك بعمل اتصالات في
الجيش من وراء ظهر السادات مما جعل السادات يتوجس خيفة من مبارك و يشك في نواياه.
و في صباح يوم 6 أكتوبر من عام 1981 أي قبل ساعات من اغتيال السادات عين السادات
الدكتور عبد القادر حاتم نائبا لرئيس الجمهورية بدلاً من حسني مبارك إلا أن القرار
الخاص بذلك كان سيجهز ويوقع بعد الاستعراض العسكري. هذا و قد نشرت الجريدة
المذكورة صورة للسادات وهو يصافح عبد القادر حاتم صباح 6 أكتوبر. و طبقا لتقارير
أخرى غضب السادات بشدة عندما علم بأن مبارك كان يجري من خلف ظهره اتصالات مع
العائلة المالكة السعودية التي كانت قد قطعت العلاقات معه بعد توقيعه معاهدة
السلام مع اسرائيل. أما المؤسسة الدينية السعودية المتطرفة المرتبطة بالعائلة
المالكة هناك فقد أحلت دم السادات لأنة عقد صلح و سلام مع “اليهود أعداء الله”. و
قد رد السادات في تحدي بقوله "إن السعوديون كانوا رعاع ونحن الذين علمناهم
التمدن”. أما العائلة المالكة في السعودية فقد قالت بأنها لن تتعامل مع مصر أبداً
طالما ظل السادات في الحكم.
كان السادات قد اتخذ قرار مفاجئ وغير مفهوم في
عام 1975 بتعيين الفريق حسنى مبارك قائد القوات الجوية نائباً لرئيس الجمهورية. و
كانت التقارير قد أوضحت في ذلك الوقت أن زوجة السادات القوية السيدة جيهان هي التي
توسطت لدى السادات لتعيين مبارك في هذا المنصب. زوجة السادات النصف بريطانية تمت
بصلة قرابة لزوجة مبارك النصف بريطانية. و كان مبارك قد أطلق شائعات بعد ذلك
مفادها أن حكومة الولايات المتحدة هي التي ضغطت على السادات لتعيين حسنى مبارك
نائبا لرئيس الجمهورية. و يستغل مبارك هذه الإشاعة للترويج لإشاعة أخرى أطلقها هو
أيضا تقول أن الأمريكان هم الذين أغتالوا السادات.
و لكي يثبت مبارك أقدامه في منصبه الجديد الذي
استكثره عليه الجميع الذين أذهلتهم مفاجأة تعيينه فيه قام بتعيين رجالة في المناصب
الحساسة والهامة في الجيش والشرطة و المخابرات ومجلس الوزراء وغيرها.
و كان العميد محمد عبد الحليم أبو غزالة مدير فرع
المدفعية بالجيش الثاني الميداني واحد من أكثر من يثق فيهم مبارك بالجيش لأنه يمت
له بصلة قرابة فضلاً عن انهما من نفس دفعة الكلية الحربية لعام 1949 كما انهما
أمضيا سوياً بالإتحاد السوفيتي عدة سنوات في بعثة تدريبية. و لذا فقد عينه مبارك
بعد حوالي سنتين من توليه منصب نائب رئيس الجمهورية ملحقاً حربياً في واشنطن كخطوة
أولى في خطة ترقية وتقدم و تصعيد مذهلة أعدها مبارك لقريبه أبو غزالة.
إلا أنه بعد 3 سنوات أي في عام 1980 أصدر الفريق
أحمد بدوي وزير الدفاع قراراً بتعيين أبو غزالة مديراً للمخابرات الحربية. و لما
رأى مبارك أن قرار احمد بدوي يتعارض مع خطته التي أعدها لأبو غزالة اتصل مبارك
بأبو غزالة و قال له "لا تنفذ أوامر أحمد بدوى واستمر في واشنطن". و
الجدير بالذكر أن مبارك عين أيضاً في واشنطن شقيق زوجته النصف بريطاني العميد طيار
منير ثابت كمدير لمكتب مشتريات السلاح بالسفارة هناك. و كانت المباحث الفدرالية
الأمريكية قد سربت لجريدة الواشنطن بوست بعد تولي مبارك الحكم معلومات مفادها أن
منير ثابت يرتكب مخالفات مالية جسيمة بنقل الأسلحة الأمريكية التي تمولها الحكومة
الأمريكية على سفن يمتلكها هو وصهره حسنى مبارك وشوقي يونس وغيرهم. وقد كفى مبارك
على الخبر مجور و لم يأمر باجراء تحقيق و اكتفى بكلام إنشائي
وفي بداية عام 1981 عين حسنى مبارك أبو غزالة
رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة. وفي 6 مارس أي بعد شهرين فقط مات الفريق أحمد
بدوي الذي يبغضه مبارك و معه 13 من قيادات الجيش في حادث طائرة هليكوبتر. والغريب
أن أبو غزالة لم يكن على متن هذه الطائرة إذ أن كبار ضباط الجيش وعلى رأسهم أبو
غزالة بصفته رئيساً للأركان كانوا من المفروض أن يطيروا مع وزير الدفاع أحمد بدوي
في زيارات ميدانية لوحدات الجيش في الصحراء الغربية إلا أن أبو غزالة تخلف في أخر
لحظة بناء على أوامر من النائب حسنى مبارك. وهكذا أصبح أبو غزالة وزيراً للدفاع
وقائدا عاماً للقوات المسلحة بعد أن كان منذ 4 سنوات فقط مجرد عميد ومدير لفرع
المدفعية بالجيش الثاني. لقد قام مبارك بتصعيد أبو غزالة بقوة وسرعة تثير الشك
والريبة متخطياً المئات في السلم القيادي ممن هم أقدم وأكفأ و أحق من أبو غزالة
بهذه المناصب. كما أن هذا التصعيد المريب والأهداف المرجوة منة تؤكد بأن مبارك كان
وراء اغتيال الفريق أحمد بدوي و من كانوا معة على متن الطائرة.
كان الموقف السياسي في مصر متأزم و متوتر للغاية
و يتجه في طريقه إلى الكارثة. كانت السعودية قد أعلنت الجهاد بعد توقيع مصر
لاتفاقية السلام مع إسرائيل في مارس من عام 1979. و قد ألقت العائلة المتطرفة
الوهابية المالكة في السعودية التي تعارض السلام مع اليهود كمبدأ ثابت كل ثقلها
المادي والسياسي وراء خطة تهدف إلى تحطيم السلام بين مصر وإسرائيل وإلى معاقبة
السادات ليكون عبرة لأي حاكم عربي أو مسلم يفكر في المستقبل في عقد معاهدة صلح مع
إسرائيل. كان ولى العهد السعودي فهد في زيارة له للولايات المتحدة عام 1980 قد طلب
من شتراوس وزير خارجية أمريكا التخلص من السادات كشرط لإقدام السعودية على إبرام
معاهدة سلام مع إسرائيل. و بدورة كان النائب حسني مبارك يتصل بالأمريكان والإسرائيليين
من وراء ظهر السادات حيث كان يؤكد لهم أن السادات لم يكن جادا في مسعاه نحو السلام
و أن كل هدفه كان الحصول على سيناء ثم ينقلب على إسرائيل و يلغى معاهدة السلام
معها. يذكر أن النائب حسنى مبارك كان قد عاد إلى القاهرة من زيارة له لواشنطن يوم
4 أكتوبر عام 1981 حيث استقبل هناك كرئيس للجمهورية. لقد قالت جيهان السادات أن
السادات قال لها أنة شعر من زيارته الأخيرة لواشنطن في سبتمبر من عام 1981 بأن
الأمريكان يريدون التخلص منه. و الحكومة السعودية التي أصبح لها باع و نفوذ كبيرين
في مصر اقتصاديا و سياسيا و ثقافيا و دينيا بعد وفاة عبد الناصر استغلت تأثيرها و
اتصالاتها مع الجماعات الدينية و المؤسسة الصحفية و مع السياسيين و المسئولين في
مصر الذين كانوا يقبضون بسخاء منها لشحن و تأليب الرأي العام في مصر ضد السلام و
ضد السادات نفسه بهدف زعزعة حكمه وقلب نظامه. في ذات الوقت كانت السعودية تقف وراء
تكوين جبهة الصمود والتصدي أو ما يسمى بجبهة الرفض و التي كان أهم أهدافها محاربة
السلام و إسقاط السادات. كما وقفت السعودية وراء قرار طرد مصر من جامعة الدول
العربية. لقد أصبح السادات معزولاً تماماً عربياً وإسلامياً بعد أن عبأت السعودية
الرأي العام في العالم الإسلامي والعربي ضد السلام و ضد السادات شخصياً. في يوليو
من عام 1981 أعلن ولى العهد الأمير فهد عن مبادرة سلام جديدة لتكون بديلا عن
السلام المصري الإسرائيلي إلا أن كل من مصر و إسرائيل رفضت المبادرة السعودية. لقد
شعر السعوديون بأن عليهم أن يفعلوا شيئا ما بسرعة قبل أن تغرى دول عربية أخرى لعقد
صلح منفرد مع إسرائيل. كذلك كان السعوديون يخشون قيام السادات بزعزعة حكمهم مستغلا
علاقاته الممتازة مع كل من إسرائيل وأمريكا. ولتخليص العرب والمسلمين بسرعة من
"الكافر الخائن السادات" بدأت الجماعات الإسلامية في مصر الموالية
للسعودية مثل الجهاد والجماعة الإسلامية والتي تعرف في مصر بالطابور الخامس
السعودي تعد العدة للتحرك ضد السادات بعد أن أصدرت فتاوى تحل دمه لأنة "عقد
صلح مع أعداء الله". ويجدر الإشارة هنا أن السعودية حاولت قتل عبد الناصر عدة
مرات في الفترة مابين أواخر الخمسينات و بداية الستينات و كانت معظم المحاولات
تستخدم فيها عناصر ضباط متدينين من الجيش أشهرهم الرائد عصام خليل الذي دفع له
الملك سعود شخصياً مليون جنية لكي يقتل عبد الناصر إلا أن عصام خليل سلم نفسه
والنقود لناصر فعينه ناصر المسئول عن مشروع الصواريخ نكاية بالسعوديين . لذلك زادت
حالة التوتر التي انتابت السادات وقام بناء على نصيحة نائبه حسني مبارك بإلقاء
القبض على القيادات الدينية في مصر بما فيها القبطية وعلى رموز المعارضة. وهذا
الإجراء لم يقلل من الخطر والتهديد لحياة السادات.
كان مبارك قد تمكن بحلول 6 أغسطس 1981
من وضع رجالة في معظم الوظائف الحساسة والهامة بالدولة تقريباً ومنهم وزير الدفاع
و وزير الداخلية ومدير المخابرات العامة ومدير مباحث أمن الدولة ومدير المخابرات
الحربية وغيرهم.
No comments:
Post a Comment