بك أستجير ومن يجير سواك *** فأجر ضعيفا يحتمي بحماك
إني ضعيف أستعين على قوى *** ذنبي ومعصيتي ببعض قواك
أذنبت ياربي وآذتني ذنوب *** مالها من غافر إلا إياك
دنياي غرتني وعفوك غرني *** ماحيلتي في هذه أو ذاك
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا *** بكريم عفوك ما غوى وعصاك
يا مدرك الأبصار ، والأبصار لا *** تدري له ولكنه إدراك
أتراك عين والعيون لها مدى *** ما جاوزته ، ولا مدى لمداك
إن لم تكن عيني تراك فإنني *** في كل شيء أستبين علاك
يامنبت الأزهار عاطرة الشذا *** هذا الشذا الفواح نفح شذاك
لله في الآفاق آيات لعل *** أقلها هو ما إليه هداك
ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناك
والكون مشحون بأسرار إذا *** حاولت تفسيراً لها أعياك
قل للطبيب تخطفته يد الردى *** ياشافي الأمراض : من
أرداك؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما *** عجزت فنون الطب : من
عافاك؟
قل للصحيح يموت لا من علة *** من بالمنايا ياصحيح
دهاك؟
قل للبصير وكن يحذر حفرة *** فهوى بها من ذا الذي أهواك؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام *** بلا اصطدام : من يقود خطاك؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا ***
راع ومرعى : من الذي يرعاك؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكء *** لدى الولادة : مالذي أبكك؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه *** فاسأله : من ذا بالسموم حشاك؟
وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو *** تحيا وهذا السم يملأ فاك؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت *** شهداً وقل للشهد من حلاَّك؟
بل سائل اللبن المصفى كن بين *** دم وفرث مالذي صفاك؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا *** ميت فاسأله: من أحياك؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً *** فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاك؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً *** فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاك؟
قل للنبات يجف بعد تعهد *** ورعاية : من بالجفاف رماك؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو *** وحده فاسأله : من أرباك؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا *** أنواره فاسأله : من أسراك؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي *** أبعد كلّ شيء مالذي أدناك؟
قل للمرير من الثمار من الذي *** بالمر من دون الثمار غذاك؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى *** فاسأله : من يانخل شق نواك؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها *** فاسأل لهيب النار: من أوراك؟
وإذا ترى الجبل الأشم منا طحاً *** قمم السحاب فسله من أرساك؟
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال *** جرى فسله؟ من الذي أجراك؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج *** طغى فسله: من الذي أطغاك؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا *** فاسأله : من ياليل حاك دجاك؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً *** فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاك؟
هذي عجائب طالما أخذت بها *** عيناك وانفتحت بها أذناك
ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناك
والكون مشحون بأسرار إذا *** حاولت تفسيراً لها أعياك
والله في كل العجائب ماثل *** إن لم تكن لتراه فهو يراك؟
حاذر إذا تغزو الفضاء فربما *** ثآر الفضاء لنفسه فغزاك؟
اغز الفضاء ولا تكن مستعمراً *** أو مستغلا باغيا سفاك
إياك ان ترقى بالاستعمار في *** حرم السموات العلا إياك
إن السموات العلا حرم طهور *** يحرق المستعمر الأفاك
اغز الفضاء ودع كواكبه سوابح *** إن في تعوبقهن هلاك!
إن الكواكب سوف يفسد أمرها *** وتسيء عقباها إلى عقباك
ولسوف تعلم أن في هذا قيام *** الساعة الكبرى هنا وهناك
أنا لا أثبط من جهود العلم أو *** أنا في طريقك أغرس الأشواك
لكنني لك ناصح فالعلم إن *** أخطأت في تسخيره أفناك
سخر نشاط العلم في حقل الرخاء *** يصغ من الذهب النضار ثراك
سخره يملأ بالسلام وبالتعاون *** عالماً متناحراً سفاك
وادفع به شر الحياة وسوءها *** وامسح بنعمى نوره بؤساك
العلم إحياء وإنشاء وليس *** العلم تدميراً ولا إهلاك
فإذا أردت العلم منحرفاً فما *** أشقى الحياة به وما اشقاك
No comments:
Post a Comment