عندما تكون طفلا صغيرا...
تلبس حذاءه فتتعثر من كبر حذائه لصغر قدمك.
تلبس قبعته العسكرية وتحس بالقوة.
تلبس نظارته تشعر بالعظمة.
تلبس كوفيته فتشعر بالوقار.
تطلب مفتاح سيارته وتحلم أنك هو وأنك تقودها.
يخطر في بالك شيء تافه فتتصل عليه وقت دوامه ويرد ويتقبلك بكل صدر رحب ولا تعلم..
ربما مديره وبخه أو زميله ضايقه أو مصاريفكم أثقلته..
وتطالبه بكل هدوء:
بابا جيب معاك عصير وحليب وخبز.. وشوكولاتة.
ويرد: من عيوني، بس خليك رجل ولا تعذب أمك.
يأتي البيت وقد أرهق من الدوام والحر والزحمة ونسي طلبك
فتقول: بابا وين العصير؟ وين الشوكولاتة؟
فيخرج ليحضر لك طلبك بكل سعادة متناسيا إرهاقه.
لا تلبس حذاءه بسبب ذوقه القديم.
تحتقر ملابسه وأغراضه وسيارته التي كنت تباهي بها أصحابك.. أما اليوم فلا تروق لك.
وكلامه لا يلائمك وحركاته تشعرك بالاشمئزاز، يصيبك الإحراج منه لو قابل أصحابك!
تتأخر فيقلق عليك ويتصل بك فتشعر بأنه يضايقك، وقد لا ترد عليه إذا تكرر الاتصال والقلق.
ترجع متأخر!فيوبّخك ليشعرك بالمسؤولية ويستمر في مشوار تربيتك.. لأنه راع وكل راع مسؤول عن رعيته
فترفع صوتك عليه وتضايقه بكلامك وردودك.فيسكت ليس خوفا منك... بل صدمة منك!
بالأمس في شبابه كان يرفعك على كتفه واليوم أنت أطول منه بكثير.
بالأمس كنت تُتأتئ في الكلام وتخطئ في الأحرف واليوم لا يُسكتك أحد.
تناسيت أنه:
مهما ضايقك... فهو والدك
من تحمّلك في سفهك وجهلك تحمّلْه في مرضه وشيخوخته
سألوني أي رجل تحب؟
فقلت: من انتظرني تسعة أشهر واستقبلني بفرحته ورباني على حساب صحته
هو الذي سيبقى أعظم حب في قلبي إلى الأبد..
عذرا لجميع الرجال فلا أحد يشبه أبي.
No comments:
Post a Comment