لا شك
أن الأمر لا يأتى بغتة، لكنه يحدث بهدوء وبطء.. فى الأول يكون الإنسان وافر الطاقة
شديد النشاط يتطلع إلى أوجه يضع فيها طاقته، فلا يترك بابا للجهد إلا طرقه. وقتها يفضل
الإنسان المتجر البعيد والمطعم البعيد ولا يشعر بالتعب وهو يفطر فى مدينة ويتغدى فى
مدينة أخرى ويشاهد فيلما سينمائيا فى مدينة ثالثة.. فى تلك الفترة من حياة الشباب يكون
الرصيد من الصحة والقوة أكبر غالبا من الرصيد فى البنك، ومن ثم يصرف الإنسان مما لديه
ويفعل بنفسه كل الأشياء التى يرى مَن دونه سنا وفتوة يستخدمون آخرين فى قضائها لهم.
وربما كان فى مرحلة من حياته ممن يقضون للآخرين حاجاتهم مقابل المال أو الخدمات أو
الاستمتاع بصحبة الكبار. ثم يبدأ إيقاع الحياة اللاهث فى الإبطاء شيئا فشيئا، ويجد
الإنسان نفسه يعتذر أحيانا لأصدقائه عن الخروج ويفضل قضاء السهرة بالبيت، ثم يستسهل
استعمال السيارة بداع وبدون داع فيذهب بها إلى كل مكان حتى لو كان على ناصية الشارع،
ويقلل من المجهود الحركى ويقضى جالسا وقتا أطول، ثم يصبح السير مسافات طويلة ضرب من
الماضى السعيد.
No comments:
Post a Comment