لكنه لن يظل هكذا، فهو ابن التسلط… لا يهم أنه لا يجيد الكلام.. وكلماته تحتاج هواة الكلمات المتقاطعة.جمهوره لا يحب الكلام أو يخاف منه… بعد سنوات من الغرق فى كلمات بلا معنى… يحبونه إذن لأنه لا يقول كلاما مفهوما… هو جمهور لا يبحث عن المعنى.. ولكن عن السلطة.
وكما قلت من قبل، أحمد شفيق شخص غير مهم خارج السلطة.
لا وجود له إلا بالقرب أو فى يد من يركب السلطة، وإعلانه الترشح فى الانتخابات استعراض لقوى تريد الإشارة إلى أنها موجودة ولها رجالها.هذه القوى تعتمد على جمهور رأَى فى الفريق شفيق نموذجا طيبا لرجال الدولة، يتكلم بهدوء، ويرتدى ملابس غير معتادة.. شكل الفريق أثار تعاطفا معه حين غادر موقع رئاسة الحكومة.
لا يعرف شفيق فى السياسة بالضبط مثل مبارك، يعرف فى الحكم، وهذا ما يجعله مثلا يتحدث مداعبًا عواطف الشعب، بأنه سيعيد للشرطة هيبتها عندما يصبح رئيسا.
وهو كلام مضحك، لأنه كان رئيسا للحكومة، ولم يستطع إعادة الهيبة لموقعه، أو لحكومته، وبالطبع للشرطة التى اعتمدت على الهيبة فكسرت.
لم يفكر أحمد شفيق إلا من زاوية ضيقة، فى إعادة إنتاج نظام مبارك، لم يعرف، ولا من خبرته فى الحكومة أن المطلوب هيبة القانون لا هيبة الشرطة.
احترام الشرطة لن يتحقق إلا باحترامها أولا للقانون، لا بفرض هيبتها.
أحمد شفيق لا يفهم غير لغة سمعها فى أروقة الحكم، لغة استعلاء وأبوية وتسلط.التسلط يمكن أن يكون لطيفا أو أنيقا، لكنه تسلط، يغلَّف غالبا بقيم نبيلة مثل مصلحة الشعب، وهو يضرب الشعب ويتركه مقهورا من أدواته الأمنية.العقل التسلطى يبرر كل خطاياه بحجة واحدة: علشان البلد ماتقعش.
وهو مفهوم مغلوظ، لأن البلد كلها توقفت ١٨ يوما ولم تقع، واستمرت، إلا من حالات صنعها بلطجية النظام الكبار والصغار.
أحمد شفيق ربما يكون مهذبا كما يراه حزب الكنبة، وقد سمعت حكايات عن جبروته فى «مصر للطيران»، لكنه مثل عمرو موسى «مينى ديكتاتور» تربى فى أحضان الاستبداد، حينما كان منصبه منحة من الرئيس وليس استحقاقا، كما هى عادة تولى المناصب فى الدول الاستبدادية، وحينما كانت كل الصراعات السياسية تدور حول أذن الرئيس، من سيسمع له أكثر، من سيستطيع الاقتراب من الأذن السليمة.
شفيق من سلالة مبارك… سلالة تتحكم فى المرحلة الانتقالية من خلال المجلس العسكرى.
هؤلاء عالمهم ضيق، بينما العالم اتسع فى مصر بالثورة.يريدون العودة إلى الخُرم الضيق الذى نرى منه العالم حسب أوامرهم وفرماناتهم وحسب خريطة مصالحهم، وقدراتهم الفاشلة فى إدارة الأزمات.
هذا ما يريده ورثة مبارك فى كل مكان، لا يرون أنها كانت جمهورية استبدادية، مرفوضة، يرونها مجرد فساد عائلة، أو حاشية، وهذه هى الخدعة.هم يرون التغيير فى الأشخاص.والثورة طلبت جمهورية جديدة.اللغة مختلفة، والخيال مختلف.. والعقلية لم تتغير منذ ٦٠ سنة أو أكثر.. تتغير موديلات البدل العسكرية أو يقودها الإعجاب، الموديل السياسى فى أمريكا أو روسيا إلى تغيير فى الشكل، لكن العقلية تفكر بنفس الطريقة، وتبحث عن القبضة الحديدية والهيبة قبل أى شىء.
الفريق شفيق ليس غريبا عن السلالة التى يتصور أصحابها أن لهم شعبية، وهم بالفعل لهم جمهور واسع، كما كان لمبارك جمهور واسع، هذا الجمهور مسلوب الإرادة يعيش خائفا من السلطة، وطالبا حمايتها من أشباح تتربى فى حظيرتها.
لهذه السلالة شعبية، وعيها غائب، واقعة تحت تأثير الرعب، وتقهر نفسها وخيالها بأيديها، بالضبط كما نعيش تحت وطأة خرافات عن العفاريت والجنيّات والنداهة وغيرها من كائنات خرافية تجعل الرعب مقيما دائما، يمنعك من الاقتراب أو الجرأة على الحياة، وتبحث عن سند وحامٍ.
أحمد شفيق ابن هذه الخرافات… وممثلها الآن بعد تجارب فاشلة مع شخصيات شبيهة.
أهلا بالفريق فى العالم الواسع… عالم تقترب فيه سلالة شفيق من الانقراض.
No comments:
Post a Comment