Saturday, June 9, 2012

الجريمة الكاملة : د. زكي سالم


June 9th, 2012 
 د. زكي سالم
إنه يسعى بمكر وخبث ودهاء إلى تحقيق الأسطورة القديمة، والخاصة بـ«الجريمة الكاملة»! فقد ارتكب طوال حياته الكثير من الجرائم والسرقات والمصائب والموبقات، من نهب للمال العام، وتبديد لثروت الوطن، وظلم للأبرياء، وقهر للمستضعفين، إلى العمل على قتل الثوار فى ميدان التحرير وغيره من ميادين المحروسة. فكيف يمكن له بعد أن خطط وشارك بنفسه فى كل هذه الجرائم البشعة أن يهرب من حبل المشنقة، ويبتعد تماما عن مكانه الطبيعى فى داخل قفص الاتهام بالمحكمة، أو فى زنزانة السجن؟
الحل بسيط للغاية، إذا ما ساعدته مجموعة كبيرة من أهم أجهزة المخابرات فى العالم، وعلى رأسها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، بالإضافة إلى مخابرات بعض الدول العربية الشقيقة! ثم تتعاون معه كل الأجهزة الأمنية المصرية! فثمة «لوبى» كبير جدا، ومتشعب إلى أقصى درجة، وموجود فى أماكن كثيرة، وواصل إلى أهم مراكز السلطة واتخاذ القرار فى البلد!

ويتلخص الحل فى أن يتم وضع هذا القاتل -الملوثة يداه بدماء شهدائنا الأبرار- فوق قمة السلطة، وعندئذ لن يتمكن أحد من محاكمته، ولن يجرؤ أحد على محاسبته، وفى وضعه الجديد فوق عرش المحروسة، حماية لكل أفراد العصابة الكبيرة الضالعة فى الفساد القديم. فلا أحد يتصور أن ثورتنا المجيدة قامت فقط للخلاص من مبارك، إذ إن هتافنا الأشهر كان: «الشعب يريد إسقاط النظام»، وهذا النظام يشمل مجموعة كبيرة جدا من المنتفعين من استبداد نظام الحكم وفساده، فهل يمكنك أن تتخيل كم عدد هؤلاء المنتفعين بفساد استمر لعقود متواصلة؟ إننا نتحدث عن ملايين من الرؤوس وخدمهم وأعوانهم وأتباعهم، وهم ليسوا أناسا عاديين من عامة الناس، لكنهم من أصحاب السلطة، والجاه، والمال، والنفوذ، فماذا تنتظر من أمثال هؤلاء؟
إنهم يملكون المليارات، ويمكنهم أن يصرفوا الأموال الكثيرة جدا -كما شاهدنا- بلا حساب، كما يستطيعون أيضا أن يوقفوا عمل القوانين السارية على الآخرين، ويستطيعون كذلك أن يحفظوا عشرات البلاغات الموثقة، والاتهامات المصحوبة بالأدلة والبراهين، يمكنهم أن يدفنوها جميعا فى أدراج مكتب النائب العام، ويمكن لهم -فوق كل هذا- أن يشتروا أهم أجهزة الإعلام، وكثير من الإعلاميين، كما سبق، اشتروا ذمم الكثيرين من المنافقين هنا وهناك!
فهل تتصور أنهم سينجحون فى تنفيذ «الجريمة الكاملة»؟ الإجابة العاقلة عن هذا السؤال الصعب، هى لننتظر ونرى ما سيحدث فى قابل الأيام. لكنى سأقدم إجابة أخرى، وهذه الإجابة لا تعتمد على الحكمة القديمة التى تؤكد أن الجريمة الكاملة لا وجود لها، لكنها تعتمد على الإيمان بشعبنا العظيم، صاحب أنبل الثورات وأعظمها، الذى لا يمكن له أن يقبل بضياع ثورته، ولا يسمح أبدا أن تضيع أرواح شهدائنا هباء، ولا أن تذهب تضحيات مصابينا سدى.

No comments: