Sunday, November 4, 2012

! وكم من لافتات فاعلة فينا ومفتعلة علينا هذه الأيام باسم النهضة

مقياس الروضة

في زمان قياس الفيضان في مقياس الروضة أيام ابن الأثير الذي زار مصر في عهد الخليفة المتوكل بالله العباسي عام861 م كتب يقول: النفس محلقة بمصر وكأني لم أقم بها شيئا يمتع نظري, ولا يذهب وعثاء سفري, كأنها شوقتني وما ذوقتني, وطالعتني ثم قاطعتني. ولقد شاهدت منها بلدا يشهد بفضله علي البلاد, من عجائبها موضع يقال له المقياس, وهو بناء تجاه الفسطاط, يعلم منه ميزان النيل والارتفاع والانحطاط, وبوسط هذا البناء عمود قسم أذرعا, وقسم كل ذراع منه أصبعا أصبعا, فإذا بلغ الماء ستة عشر ذراعا عند الازدياد, يستحق حينئذ الخراج علي جميع البلاد, وبظاهر مصر متنزهات كثيرة, كبركة الحبش وبركة الفيل, ومستنقعات ما يغادرها المد فتسمي متقطعات النيل, ولأهل مصر بهذه المستنقعات غرام واشتهار, ومفاخرة في تفضيلها علي غيرها من الديار, وهي لعمري حسنة المنظر, شبيهة بدراهم مبثوثة علي فـراش أخضر.... أما آخر أنباء قياس منسوب ماء النيل فتأتي لنا وسط الغمام المحيط بأمل متواضع يقول: إنه قـد تجاوز حد الأمان بارتفاعه أمام السد العالي إلي75 مترا و16 سنتيمترا بمحتوي مائي استراتيجي في بحيرة ناصر قدره122 مليار و132 مليون مترمكعب منها93 مليار مترمكعب تخزين يكفي احتياجات مصر لمدة عامين..
فيما يخص التنازع علي مياه النيل بين دول المنبع ودول المصب يذكر العالم إميل لودفيج في كتابه حياة مصر أن المجاعة ضربت أطنابها في مصر عام1106 فأوفد السلطان المملوكي البطريك القبطي إلي نجاشي الحبشة يحمل له الكثير من الهدايا والحلي الذهبية ورسالة ممهورة يتمني له فيها طول العمر وسطوة الحكم مما ترك أثرا بالغا في نفس الحبشي فقام وخرق سد بلاده الصغير ليعم الفيضان السودان صاعدا إلي مصر.. والآن بينما تجتمع اللجنة الثلاثية من مصر والسودان وأثيوبيا دوريا منذ عام لتسجل اللقطات التذكارية خلف الميكروفونات, يتم الاستمرار في إقامة سد النهضة في أثيوبيا منذ إبريل2011 تبعا للدراسات والتصميمات التي تمت في سرية تامة بعيدا عن مبادرة حوض النيل..وكانت أثيوبيا قد أعلنت خلال المبادرة منذ عشر سنوات أن اسم السد هو سد الحدود بسعة14 مليار مترمكعب, وفجأة وبدون مقدمات تم الإعلان عن إعادة تصميمه لتصل سعته إلي73 مليار مترمكعب لينتج5250 ميجاوات من الكهرباء تحت اسم جديد هو سد النهضة..و..وكم من لافتات فاعلة فينا ومفتعلة علينا هذه الأيام باسم النهضة!

No comments: