(1929-2000)
مفتي منطقة الفرات في شرق سوريا
 أي حياة ـ مهما يكن لونها وذوقها وطعمها ليست بساطاً مفروشاً بالورود والرياحين ،
 ولكنها معالجة شدائد ومقاسات أهوال ومعاناة متاعب 
 وأياً ما كان الأمر فإن حالة الرخاء أيضاً تتطلب عزائم ، وإلا خرج الإنسان من حالة الرجولة الحقة والإنسانية المليئة إلى حالة الرخاوة والانحلال .
 لذلك فقد مضت حكمة الله جلّ وعلا وأثبتت فطرة الناس على مدار التاريخ 
وشهدت وقائع الدهر على امتداد الكرة الأرضية وعلى ساحة الزمان الذي مر بطوله
 أن الغايات العظيمة تتطلب رجالاً عظاماً ..
 فإن الذي يُحسّ في داخله بوادر الخور والهلع والخوف والانحلال والهزيمة والتراجع..
 لا يصلح أبداً لكي ينجح في معركة مهما تحجّم إطارها ومداها ..
 سوف يفشل دون ريب . ولهذا فأول الطريق بالنسبة لرسالات الله جلّ وعلا 
 أن يشعر الإنسان أنه مخلوق لله ..
 فمن أجل ذلك لا يدين بشيء إلا لله جلّ وعلا ، وأن ما على الأرض من قوى غير إنسانية 
فإن الله قد وضعها في خدمة الإنسان ..
 وأن ما على الأرض من بشر فهم مثلي ومثلك سواء بسواء ، لا يجوز أن يبغي أحد على أحد ، ولا يجوز أن يستعلي أحد على أحد . 
ولذلك وبذلك فقط تكتسب الشخصية الإنسانية غناءً وقدرةً على المواجهة الحرة والأصيلة
 لأي موقف ولأي حادث .
وكل الذي أطمع فيه وأرجوه أن يكون هذا الكلام محرّضاً ودافعاً للإخوة جميعاً 
هنا وفي كل مكان يبلغ هذا القول ...
على إعادة النظر في كتاب الله ومحاولة العيش معه على نحوٍ يسمح بفهم مستقيم ..
 وعلى نحوٍ يسمح بهذا الربط الضروري بين الكلام المعجز الأبدي الخالد..
 وبين الحياة المتحركة التي يعيشها الناس بما فيها من أشجان وآلام ومشاكل وأحزان ..
 وبما فيها كذلك من بوارق الأمل في مستقبل سعيد وبهيج لهذه الأمة ولهذا الدين . 
ذلك قصارى ما أبغيه وأطمع فيه ، وإن تكن البوادر غير مشجعة على النحو الذي ينبغي ، فلست بالذي يجهل أن الكلمة الطيبة لن تضيع ، وأنها إن فقدت اليوم مَن يصبر لها ويطيق تحمّل أكلافها فلن تعدم ذلك في المستقبل إن شاء الله تعالى .

No comments:
Post a Comment