الذين يتصورون أن الثورة انتهت هم فى وضع ابليس حين يشتهى الجنه . والذين يتصورون أن الثورة حققت أهدافها بمجرد انتخاب برلمان , أو حتى بانتخاب رئيس,,أو ما يسمونه تسليم السلطة لمدنيين .هؤلاء ومن لف لفهم ,كانوا ضد الثورة من أول فكرة.. ولم يكونوا من دعاتها ,,ولا من المبادرين إليها ..وحين اشتعلت جذوتها ,,فوجئوا بها كما فوجىء الامريكيون ,,كما فوجىء مبارك وعصابته ,,وكما فوجىء مجلسه العسكرى ,وسارعوا للالتحاق بالميادين ,,لا لنصـرة الثـورة ,,, بل لاحتوائها ,,ولغسل وجوههم بنورها ,,ثم العودة للفكرة بعد السكرة ,,وخوض انتخابات وصفقات زوروا فيها كـلام الله ,,وعلى أمل استبقاء طبقة اللصوص ذاتها التى حكم باسمها مبارك ,,والدفاع عن مصالحها بميكروفونات ديمقراطية ودينية هذه المرة....
والذين يتصورون أن الثورة انتهت ,,أو انها قد انقضى امرها ,,هؤلاء يتمتعون بصفاقه كافية ,,ولن نعدم وجودهم فى ميدان التحرير ,,وفى غيره من ميادين التغيير فى مدن مصر الكبرى,,وادعاءهم بأنهم يحتفلون بالثورة,,,بينما هم يخونون الثورة ,,ويتنكرون لدم الشهداء ,,وللذين فقدوا نور عيونهم من اجل أن يرى هذا البلد عين النور,,لا ان ينتقل من ظلام إلى ظلام ومن فساد إلى فساد,,ومن طبقة اللصوص إلى طبقة اللصوص ذاتها,,وفى هيئة تنكرية تلبس ذقونا ,,أو تمسك بمسبحة ,وتردد وصايا الأمريكيين كأنها أسماء الله الحسنى ,,فلا مساس عندهم بشريعة السوق,,ولا اقتراب من النفوذ الأمريكى فى مصر ,,ولا إنهاء لذل المعونة ,,ولا تقليص للسفارة الأمريكيه ودورها المتعاظم والتدخل المستمر فى كافة ميادين الحياة فى مصر ,,ولا غلق للسفارة الإسرائيلية ,,ولا طرد للسفير الإسرائيلى ,,ولا إلغاء لاتفاق تصدير الغاز,,ولا لاتفاق الكويز,,ولا فرض لضرائب تصاعديه على أغنياء النهب العام,,ولا وقف لخصخصه,,ولا محاكمات ثورية لمبارك وعصابته ,,ولا حساب ولا عقاب لجنرالات المجلس العسكرى عن جرائم المال والدم (سوى بعض التصريحات الإعلاميه الرنانه المستخدمه باسلوب سياسى فقط لتهدئه الرأى العام بدون أى نية فعليه للمسائله) ولا أستعادة للأموال المنهوبة ,,ولا تقنين لإعانة البطالة,,ولا عودة للاستثمار العام وتصنيع مصر ,,ولا خلق لقاعدة انتاجية كبرى,,ولا وقف لطرد الفلاحين من الأرض,,ولا إقرار لمجانية التعليم والعلاج,,,ولا لحقوق العمل والسكن فى دستور جديد تعده الجماعه الطفيليه الناهبة لمصر وتزعم بصفاقه ..أنه دستور الثورة!
ووجود أمثال هؤلاء فى مناسبة ثورة هو قمة التزوير ,,فهم كالقاتل الذى يقتل القتيل ويمشى فى جنازته ,,وهم يجيئون على أمل إنهاء قصة الثورة كلها,, يجيئون ليقولوا وداعا للميدان وذهابا للبرلمان,, وليس من نفع لقضية الثورة بهم ,, فلم يكونوا ابدا دعاة ثورة ,, بل كانوا مجد إصلاحيين مترددين فى أفضل الاحوال ,, كانوا يريدون نصيبا من كعكة السياسة حرمهم منه مبارك ,, واحتكر السلطة والثروة كلها لعائلته وحوارييه,, وقد حلوا محل العائلة الان,, ويريدون مجرد شراكـة من الجنرالات ,,وعلى طريقة لكم الإمارة ولنا الوزارة ,, وقياداتهم تضحك على الأنصار الطيبين ,, وتوهمهم أنها تريد نصرة الإسلام ,,بينما تريد نصــرة الأزلام ,,وتحفظ لأمريكا أوثانها فى مصر ’, وتحل شريعة البيت الأبيض محل شريعة الإسلام ,, وتحتقر الأغلبية الساحقة من الشعب المصرى ,, والمحجوزه تحت خط الفقر والبطالة والعنوسة وإهدار ,,الادمية والتى نطقت باحلامها وامالها شعارات الثورة الكبرى,,وأولوياتها التلقائية فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية,, والذين يريدون الغدر بالثورة صارت وجوههم كالحة واضحة ,, إنهم جماعة مبارك وعائلته ومليارديرات المال الحرام ,,وهؤلاء ليسوا فى وضع البقايا أو الفلول ,,إنهم أصول النظام السياسى ,,والاقتصادى المسيطر ’حتى هذه اللحظة ,, وقد فقدوا رأس مبارك الذى انخلع وحل محله رأس المجلس العسكرى ,,والذى تدل قرارته فى جملتها ان المجلس العسكرى هو القيادة الميدانية للفول التى صارت أصولا ,وإن كان يوجد عدد قليل بين قياداته مؤمن ظاهريا بالثورة ,,ولكن الهدف العام الموحد والظاهر للعيان هو معاداة الثورة ومحاربة كل من يثبت قربه او نسبه للثورة ,,وقد زعم المجلس العسكرى احتفالاته بذكرى الثورة وهو ضحك على الذقون ,,تماما كااحتفالات الذقون التى تغشى ميادين التحرير وتنتشى بانتصارات انتخابيه موقوته وتخوض كما المجلس العسكرى حرب الوقيعة بين الثورة والشعب وتخشى المظاهرات والإعتصامات والإضرابات السلمية ,, وتريد ان تصادر على حق العصيان المـدنى ,,كما يخطط بعضها للتحول إلى مليشيات مدنية ,, وإلى جيش مجنى مضاف إلى القهر العسكرى ,, وأن تخوض خرب شوارع ضد الثــــــــــــورة ,, وتحويلها إلى حرب أهلية ,,أو الإلهاء بفتاوى التكفير والتحريم ...
ومعيار التفرقه بين المخلصين والمخادعين واضح وقاطع ,,فلم تقم الثورة لإزاحة شخوص وإحلال شخوص ,,بل قامت لتغيير النظام فى المبنى والمعنى , والمحصلة إلى الأن ظاهرة فلم تحكم الثورة ,,واستمر النظام فى المبنى والمعنى تحت حكم المجلس العسكرى ,ووقد تغير النظام فى المبنى بعد انتخاب برلمان ,,ومع انتخاب رئيس ,,لكن المعنى يبقى كما كان ,,تبقى ذات الاختيارات فى السياسة والاقتصاد والحريات وتبقى السلطة حكرا لمليارديرات الطبقة الأغنى ,, والتى شفطت جهد وعرق وثروة الشعب الأفقر ,,وقضية الثورة هى قضية الشعب الافقر ,,لا الطبقة الاغنى ,,ولا نجاح لثورة إلا أن تكون السلطة بينما ثورتنا لا تزال فى خانة المقاومة ,,وعلى أسفلت الشارع ,,وبوسعها ان تخلق سلطة الشارع ,, ان تخلق سلطة الميدان وأن تدخل فى تضاغط ومواجهة سلمية متصلة مع سلطة البرلمان ,,ولا احد عاقلا يعارض فى الاعتراف بنتائج الانتخابات بعد التحقيق فى المطاعن عليها,,لا احد يعارض فى الاعتراف بسلطة البرلمان,,لكن لا أحد عـاقلا يعول على سلطة البرلمان ,,أو يرجوا منها خيرا لقضية الثورة ,, فالثورة لم تتحقق بمنازعات ولا بمماحكات برلمانية ,, بل تحققت بسلطة الشارع وقوة الناس ,, وهذا هو خط الثورة الرئيسى وشرعيته فى مرتبة أعلى من شرعية البرلمان الموقوت ,, فقد كسب المصريون حقوق التظاهر والاعتصام والعصيان السلمى ,, كسبوا حقوق الشارع بالتضحية والدم ,, وهم لن يفرطوا بها أبدا ,,فقد عرفوا الطريق المستقيم ,, لانتزاع حق الحياة والحرية ,,وبرغم نجاح موقوت للثورة المضادة وبمجلسها العسكرى المخادع ومليارديراتها وتياراتها المدنية ,,برغم النجاح الموقوت لهؤلاء فى اصطناع جفوة او فجوة صارت ملموسة بين الثورة والشعب ,,ووضع صخور صناعية تعيق تدفق أمواج الثورة ,,إلا ان المشكلة تبدو موقوته وعابرة وبشرط مزج الغضب الوطنى والسياسى والاجتماعى فى سياق واحد والحرص على مبـدأ سلمية الثورة وتفوقها الاخلاقى وتفويت الفرصة على الذين يريدون حرق مصر.
وإلصاق التهمة بالثورة والثوريين ,,فحـوادث يوم 25 يناير 2012 لا تنتهى بغروب شمسه ..... بل أنها بالكاد تبدأ وتواصل الثورة مرحلتها الثانية والتى لن تكون الأخيرة وإلى أن تعود النجوم لمداراتها وننتهى إلى مشهد ختام يليق بثورة مصر ,,وبدم شهدائها ,,وبتضحيات رجالها ونسائها وشبابها
نعم ,,,, لا نــذهب إلى ميـادين التحـرير لاحتفـال ,,بل لتجـديد الثورة ,, وكنــس جماعــة الثورة المضـادة ,,والتى قـد تتعدد فـرقها واحــزابهـا ,,لكــن كفـرهـا كـله ملـة واحــــدة
عبــد الحليــــم قنـــديل.......
No comments:
Post a Comment