Thursday, May 8, 2014

هارودز.. آخر الثغور! بقلم : أسامة غريب

 ٨/ ٥/ ٢٠١٤
كنت أسير بصحبة أحد الأصدقاء فى لندن بالقرب من محال هارودز الشهيرة عندما بادرنى الصديق قائلاً: هل تعرف أن هذه المحال شكلت حلقة من حلقات الصراع المصرى القطرى التى جرت مبكراً عندما آلت ملكيتها عام ٢٠١٠ لمجموعة قطرية قامت بشرائها من الملياردير المصرى المعروف محمد الفايد؟.
اعترتنى دهشة شديدة لهذه الرؤية التحليلية لعملية بيع تمت بين اثنين من ديناصورات البيزنس، وتعجبت من أن يراها البعض حلقة فى سلسلة المنافسة فى الساحة الخارجية بين مصر وقطر ومحاولة قطر وراثة الدور المصرى، ذلك لأن عملية البيع وإن كان أحد أطرافها قطرياً فإن الطرف الثانى لا يسهل اعتباره مصرياً إلا إذا اعتبرنا أوباما مواطناً كينياً.. فمحمد الفايد الملياردير الذى يعيش فى بريطانيا منذ عشرات السنين، والذى قطع علاقته بمصر من زمان، قد سعى جاهداً للحصول على الجنسية البريطانية مرة تلو الأخرى، غير أن الإنجليز أبوا أن يمنحوه جنسيتهم، وإن لم يمانعوا فى احتضان استثماراته وفلوسه، واكتفوا بمنحه الإقامة على جوازه المصرى الذى يحمله على مضض!.
والذين يتحدثون عن محال هارودز باعتبارها صرحاً مصرياً رابضاً فى منطقة جسر الفرسان بقلب لندن يتسمون بالسذاجة المفرطة، فهم يتحدثون عنها كما لو كانت شركة النصر للتصدير والاستيراد التى منحت مصر نفوذاً خارجياً واسعاً فى أفريقيا وآسيا وقامت بدور وطنى لحماية الأمن القومى المصرى، وينسون أن شركة محال هارودز هى شركة بريطانية كان يصونها صاحبها، ويتعهدها بالرعاية لمصلحته الشخصية، ولم يكن يديرها لحساب مصر!.
لهذا يصعب أن نشعر بالحزن لبيع هارودز مثلما شعرنا عند بيع الشركات المصرية للأجانب بأثمان رمزية، ولا يعقل أن نتعامل مع هارودز على أنها الشقيقة الكبرى لشركة بيع المصنوعات وبنزايون وعمر أفندى وغيرها من الشركات التى بيعت فى صفقات إجرامية دون أن يطرف لمن باعوها جفن.. والأهم من ذلك أنه سواء باع الإنجليز أحد صروحهم لملياردير مصرى أو ملياردير قطرى فإنهم لا يسمحون له أن يشرد العمالة البريطانية ويلقى بها فى الشارع دون منحها حقوقها كما حدث عندنا بدل المرة مائة مرة، وهم يلزمون المشترى مهما كان نفوذه بالخضوع للقوانين البريطانية، وهو الأمر الذى نعفى منه من يتعطف ويشترى أصولنا بواحد على خمسين من سعرها السوقى! ولا يمكن أن ننظر للقانون الذى صدر أخيراً، والذى يمنع القضاء من التدخل فى أى صفقة بين الحكومة وأحد المستثمرين إلا فى إطار إضفاء حماية كاملة على عمليات نهب مصر!.
لهذا ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن هارودز هى آخر الثغور التى سقطت فى يد الأعداء مثلها مثل غرناطة التى مثلت مُلكاً تليداً بكينا عليه كالنساء بعدما لم نحافظ عليه كالرجال!.

Like ·  · Share

No comments: