Monday, September 22, 2014

السلطان عبدالحميد عبدالمجيد آخر خلفاء الدولة الإسلامية

 
السلطان عبدالحميد عبدالمجيد آخر خلفاء الدولة الإسلامية

وصفه المؤرخون بأنه «آخر خلفاء الدولة الإسلامية»، هو السلطان عبدالحميد الثاني، الخليفة العثماني، الذي ولد في 21 سبتمبر 1842، لُقب بـ«قاهر الحركة اليهودية الصهيونية العالمية»، لأنه رفض توطين اليهود في فلسطين، وقال جملته الشهيرة لزعيم الحركة، هرتزل، وقتها: «إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبًا فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما هي ملك الأمة الإسلامية».
واعتبر المؤرخون أن خلعه من الخلافة كانت البداية الحقيقية للسقوط السريع للدولة العثمانية، لأنه آخر من امتلك سلطة فعلية، وحاول إعادة أمجاد آل عثمان بعد أن أصبحوا «رجل أوروبا المريض»، كما أن من أسباب خلعه رفضه توطين اليهود في فلسطين
مراحل خلافة الخليفة العثماني حتى وفاته.
حياته
1.   عبدالحميد الثاني، السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، وآخر من امتلك سلطة فعلية منهم، ولد في شعبان سنة 1258هـ، 21 سبتمبر 1842م.
2.   توفيت والدته متأثرة بمرض السلّ وهو في الثامنة من عمره، فاحتضنته الزوجة الثانية لوالده السلطان عبدالمجيد الأول، التي كان معروفاً عنها أنّها شديدة التديُّن، وأسبغت عليه كل حنانها وعطفها، وبادلها عبدالحميد هذا الحب، فكان يقول عنها: «لو كانت والدتي حيَّة لما استطاعت أن ترعاني أكثر من رعايتها»، وعندما توفيت أوصت بجميع ثروتها له.
3.   قضى السلطان شبابه يطلب العلم فدرس اللغات التركية والفارسية والعربية والفرنسية، وكان يقول الشعر، ومحبًَا للمطالعة، كما عُرف بتقواه وتمسُّكه بدينه.
4.   تولى السلطان عبدالحميد الثاني الخلافة في 11 شعبان 1293هـ، الموافق 31 أغسطس، 1876م، وكان عمره آنذاك 34 عامًا إلا 19 عشر يومًا، وتبوَّأ عرش السلطنة يومئذٍ على أسوأ حال، حيث كانت الدولة في منتهى السوء والاضطراب، سواء في ذلك الأوضاع الداخلية والخارجية.
أعماله
5.   كان أول ما أصدره من قرارات أن أقرَّ الدستور الذي يكفل المساواة بين جميع الناس من خلال المجالس الشرعية، كما أصدر أوامره بحرية القضاء؛ لتكون كلها نافذة من خلال النظام الإسلامي للدولة، فظل الإسلام في عهده منبع القوانين ودستورها، كما عرف السلطان للعلماء حقهم، فكان لا يقطع أمرًا دونهم، ويحرص على استشارتهم والأخذ بآرائهم.
6.   دعا جميع مسلمي العالم في آسيا الوسطى وفي الهند والصين وأواسط أفريقيا وغيرها إلى الوحدة الإسلامية والانضواء تحت لواء الجامعة الإسلامية، ونشر شعاره المعروف «يا مسلمي العالم اتحدوا»، وأنشأ مدرسة للدعاة المسلمين، سرعان ما انتشر خريجوها في كل أطراف العالم الإسلامي، الذي لقي منه السلطان كل القبول والتعاطف والتأييد لتلك الدعوة، ولكن قُوى الغرب قامت لمناهضة تلك الدعوة ومهاجمتها.
7.   عمل على تنظيم المحاكم والعمل في «مجلة الأحكام العدلية» وفق الشريعة الإسلامية، قام ببعض الإصلاحات العظيمة، مثل القضاء على معظم الإقطاعات الكبيرة المنتشرة في كثير من أجزاء الدولة، والعمل على القضاء على الرشوة وفساد الإدارة، حرص على إتمام مشروع خط السكك الحديدية التي تربط بين دمشق والمدينة المنورة؛ ليسهل الحج، ولِمَا كان يراه من أن هذا المشروع فيه تقوية للرابطة بين المسلمين، تلك الرابطة التي تمثل صخرة صلبة تتحطم عليها كل الخيانات والخدع الإنجليزية، على حد تعبير السلطان نفسه.
8.   اهتم بالتعليم العسكري، وبنى غواصة، وعني بتسليح الجيش وتدريبه وتقوية مركز الخلافة، استخدم البرق كوسيلة جديدة للمراسلة، نشر التعليم المدني بجميع مراحله وأنواعه، وأنشأ جامعة «إسطنبول» سنة 1885م، والتي كانت تُعرف أولًا باسم «دار الفنون»، كما أنشأ المكتبات ودورًا للمعلمين ومعاهد فنية ومدارس ابتدائية وثانوية مدنية.
9.   أصدر قرارات فورية بالاحتشام ومنع لبس المخالف للشرع وإلزام النساء بالحجاب، ومنع الاختلاط في المدارس والجامعات.
أحداث في عهده
10.                  احتلت فرنسا تونس، وإنجلترا مصر بعد موقعة التل الكبير، والسودان
11.                  دخلت الدولة العثمانية في عهده في حرب مع روسيا، أجبرت بعدها على توقيع اتفاقية «سان ستفانون»، والتي بمقتضاها استقلت الصرب والجبل الأسود والأفلاق والبغدان وبلغاريا، وتنازلت الدولة العثمانية عن مدن في آسيا، ثم تم تعديل المعاهدة في مؤتمر ببرلين تم بموجبه سلخ المزيد من الأراضي عن الدولة العثمانية.
12.                  طالب الأرمن بعد مؤتمر برلين باستقلالهم، خاصة أن السلطان لم يقم بتطوير يُذكر لأوضاعهم، وعملت البعثات التبشيرية الأوروبية والأمريكية على إذكاء الشعور القومي الأرمني، وفي الوقت نفسه اعتقدت الدوائر الحاكمة في الآستانة أن بعض الأرمن يعملون كعملاء لروسيا وبريطانيا، وساورها الشكوك حول ولائهم، ومن ثم نظرت إليهم على أنهم خطر يهدد كيان الدولة ومستقبلها وأمنها، وتصاعد التوتر في بلاد الأرمن، ولم تلبث أن عمّت الاضطرابات، فخرج حوالي 4000 أرمني عن طاعة السلطان في بدليس بعد تأخر الإصلاحات الموعودة، قام العثمانيون بالرد على ثورة الأرمن بأن أرسلوا جيشًا مؤلفًا بمعظمه من الأكراد إلى مناطق الثورة حيث دمّروا العديد من القرى الأرمنية وقتلوا كثيرًا من الثوّار ومن ساندهم، فيما أصبح يُعرف باسم «المجازر الحميدية»، تطور العنف ليشمل المسيحيين بشكل عام كالسريان كما في مجازر ديار بكر.
13.                  طالب هرتزل ، رئيس منظمة الصهيونية العالمية، ووفد من اليهود من السلطان بالسماح لهم بالتوطين في فلسطين مقابل إقراض الدولة العثمانية أموالًا طائلة، وردّ عليهم قائلًا: «(إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع وربما إذا تفتتت إمبراطوريتي يومًا يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل، لا أستطيع أن أتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة؛ لأنها ليست ملكي بل هي ملك شعبي، وقد قاتل أسلافي من أجل هذه الأرض ورووها بدمائهم، فليحتفظ اليهود بملايينهم، إذا فرقت دولتي من الممكن الحصول على فلسطين دون مقابل، ولكن لزم أن يبدأ التمزيق أولاً في جثتي قبل الحصول على فلسطين»، بعدها أصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين.
نهاية حكمه
14.                  تم عزله من جانب جمعية الاتحاد والترقي، في27 إبريل 1909 وأمضى بقية حياته في سلانيك، ثم في قصر بكلربكي في الآستانة، وتم تنصيب شقيقه محمد رشاد خلفاً له.
15.                  ويقول السلطان عبدالحميد في مذكراته: «عزلي جاء لرفضي توطين اليهود في فلسطين، وأنني لم أتخل عن الخلافة الإسلامية لسبب ما، سوى بسبب المضايقة من رؤساء جمعية الاتحاد المعروفة باسم (جون تورك) وتهديدهم، لذا أجبرت على ترك الخلافة، إن هؤلاء الاتحاديين أصروا على أن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة فلسطين، ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف، وأخيرًا وعدوا بتقديم (150) مائة وخمسين مليون ليرة إنجليزية ذهبا، فرفضت هذا التكليف بصورة قطعية أيضا، وأجبتهم بهذا الجواب القطعي الآتي: (إنكم لو دفعتم ملء الأرض ذهبا- فضلا عن (150) مائة وخمسين مليون ليرة إنجليزية ذهبًا فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي، لقد خدمت الملة الإسلامية والمحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة، فلن أسود صحائف المسلمين آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء العثمانيين، لهذا لن أقبل تكليفكم بوجه قطعي أيضًا)، وبعد جوابي القطعي اتفقوا على خلعي، وأبلغوني أنهم سيبعدونني إلى سلانيك، فقبلت بهذا التكليف الأخير».
16.                  وتابع: «حمدت المولى وأحمده أنني لم أقبل بأن ألطخ الدولة العثمانية والعالم الإسلامي بهذا العار الأبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي المقدسة فلسطين، وكان بعد ذلك ما كان، ولذا فإنني أكرر الحمد والثناء على الله المتعال».
من أقواله
17.                  قال: «يجب تقوية روابطنا ببقية المسلمين في كل مكان، يجب أن نقترب من بعضنا البعض أكثر وأكثر، فلا أمل في المستقبل إلا بهذه الوحدة، ووقتها لم يحن بعد، لكنه سيأتي اليوم الذي يتحد فيه كل المؤمنين وينهضون نهضة واحدة ويقومون قومة رجل واحد يحطمون رقبة الكفار».
قالوا عنه
18.                  جمال الدين الأفغاني: «إنّ السلطان عبدالحميد لو وزن مع أربعة من نوابغ رجال العصر لرجحهم ذكاء ودهاء وسياسة»
البطريرك الماروني إلياس الحويك: «لقد عاش لبنان وعاشت طائفتنا المارونية بألف خير وطمأنينة في عهد السلطان عبدالحميد الثاني، ولا نعرف ماذا تخبئ لنا الأيام بعده».
أشهر ألقابه
لُقب بـ«السلطان الأحمر» أو «السلطان المظلوم» و«الخاقان الكبير».

19.                  توفي السلطان في المنفى في 10 فبراير من عام 1918.

No comments: