Monday, February 2, 2015

الجنيه والدولار وعودة لعبة الفأر والقط


 أحمد السيد النجار
عندما يتحرك سعر صرف الجنيه مقابل الدولار فإنه يؤثر على أهم المؤشرات الاقتصادية في مصر، ويتخطاها لمؤشرات ذات طبيعة اقتصادية-اجتماعية مثل غلاء الأسعار أو معدل ارتفاع أسعار المستهلكين (معدل التضخم).
وهناك اتجاه طويل الأجل لتراجع الجنيه مقابل الدولار من خلال دورات هبوط تعقبها فترات ترقب للهبوط التالي منذ ما يزيد على أربعة عقود. وفي إطار هذا الاتجاه شهد سعر صرف الجنيه المصري تراجعا ملحوظا أمام الدولار منذ ستة أشهر، ثم تطور الأمر لتراجع كبير منذ بداية العام الحالي سواء في السوق الرسمية أو في السوق السوداء التي باتت واقعا بالفعل.
وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار قد تدهور لمستوى 7.6 جنيه لكل دولار حاليا فاقدا نحو 14.5% من قيمته مقابل الدولار خلال الستة أشهر الأخيرة. أما في السوق السوداء فإنه تراجع بأكثر من 22%.
ونظرا لأن أي تخفيض لسعر صرف العملة المحلية له تأثيرات على حركة الأسعار وتنافسية الصادرات والواردات والميزان التجاري ومعدل التبادل الدولي وجاذبية مناخ الاستثمار وسوق السياحة، فإنه كان غريبا أن يؤكد محافظ البنك المركزي في حديث تليفوني مع إحدى القنوات التليفزيونية أن تراجع سعر صرف الجنيه المصري لن يؤثر على الأسعار، وأنه إذا حدث مثل هذا الارتفاع فإنه سيكون هناك تدخل لإيقافه. وهذا التأكيد يتناقض مع بديهيات تأثير تراجع سعر صرف العملة المحلية على حركة الأسعار. وحتى صندوق النقد الدولي الذي يدعو لهذا الإجراء يدرك تماما أنه يؤدي لارتفاع الأسعار كنتيجة لارتفاع أسعار الواردات مقومة بالعملة المحلية.
وعندما تلجأ دولة مختارة أو مجبرة إلى تخفيض سعر صرف عملتها مقابل العملات الحرة الأخرى، فإنها تبرر ذلك عادة إما بأنه استجابة لعوامل العرض والطلب في سوق حرة، أو بأن تخفيض سعر صرف العملة المحلية سيجعل أسعار السلع والخدمات المحلية رخيصا عند تقديره بالعملات الأجنبية، وبالتالي سيساعد على زيادة صادرات السلع والخدمات، وسيزيد من جاذبية السوق المحلية للاستثمار الأجنبي نظرا لزيادة القدرة الشرائية للعملات الأجنبية التي بحوزتهم على شراء السلع والأصول في البلد الذي انخفض سعر صرف عملته المحلية. وبالمقابل سيؤدي تخفيض سعر صرف العملة المحلية إلى ارتفاع أسعار الواردات من السلع والخدمات عند تقديرها بالعملة المحلية مما سيقلل الطلب على الواردات ويسهم في إصلاح الموازين الخارجية. وهذا التصور هو نموذج نظري يتطلب قراءة الواقع الاقتصادي بصورة دقيقة لبيان إمكانية تحقيقه من عدمها، فالواردات إذا كانت ضرورية لن يكون بالإمكان تخفيضها حتى لو ارتفع سعرها لدى تخفيض سعر صرف العملة المحلية. وحتى لو كانت غير ضرورية لكن الطبقات التي تستهلكها قادرة على الاستمرار في استهلاكها فلن تتراجع أيضا. والنتيجة الوحيدة في هذه الحالة ستكون ارتفاع أسعارها في الداخل وارتفاع معدل التضخم. والصادرات لن تزيد إلا إذا كان هناك إنتاج جيد وقابل للتصدير ويحتاج لزيادة قدرته التنافسية بتخفيض سعر الصرف. باختصار من المهم أن تكون هناك قراءة دقيقة لحالة الاقتصاد والسوق قبل اتخاذ أي إجراء لأن آثاره تتوقف على تلك الحالة، وهي ليست واحدة في كل مكان أو زمان.
الجنيه بين السعرين المختل والمثالي
قبل تناول الأسباب والضغوط التى دفعت السلطات النقدية للسماح بتراجع الجنيه المصرى مقابل الدولار لابد من التأكيد على أن سعر صرف العملة ليس شيئا مقدسا لا ينبغى المساس به، ففضلا عن أنه يقيس معدل التبادل بين العملة المحلية والعملات الأخرى، فإن تحركه يتم توظيفه فى تحقيق أهداف اقتصادية متنوعة شرط أن تكون حركته محدودة أو معتدلة تعكس حالة من الاستقرار النسبى وليس الاضطراب. والصين على سبيل المثال قامت بتخفيض كبير فى سعر صرف عملتها قبل ثلاثة عقود ونصف العقد حتى تخفض أسعار صادراتها مقدرة بالعملات الأجنبية بما يرفع قدرتها التنافسية ويسهل زيادة الطلب عليها. لكن الصين كان لديها ما تصدره عندما ارتفع الطلب الخارجى على صادراتها فنجحت بالفعل فى زيادة صادراتها بشكل سريع وتمكنت خلال ثلاثة عقود فقط من احتلال صدارة دول العالم فى قيمة الصادرات متفوقة بشكل كاسح على الولايات المتحدة وألمانيا واليابان منذ أربعة اعوام. وقد بدأت فى رفع سعر صرف عملتها تدريجيا مقابل الدولار والعملات الحرة حتى تقترب من سعر الصرف العادل أو المثالي.
وأفضل سعر للصرف أو سعر الصرف العادل أو المثالى هو الذى يعكس توازن القدرات الشرائية بين العملات. وبمعنى أوضح فإن سعر الصرف المثالى بين الجنيه المصرى والدولار مثلا، هو ذلك السعر الذى يعكس القدرة الشرائية للجنيه فى السوق المصرية مقارنة بالقدرة الشرائية للدولار فى السوق الأمريكية. وبناء على هذه القاعدة فإن سعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار مختل كليا وبعيد عن سعر الصرف المثالى حتى قبل التراجع الراهن للجنيه مقابل الدولار.
وتشير بيانات البنك الدولى فى تقريره عن مؤشرات التنمية فى العالم (2014، 2013) إلى أن قيمة الناتج القومى الإجمالى لمصر مقوما بالدولار وفقا لسعر الصرف السائد بلغت نحو 240.3 مليار دولار عام 2012، وفقا لسعر صرف يبلغ نحو 6.5 جنيه لكل دولار، بينما بلغت قيمة الناتج القومى الإجمالى وفقا لتعادل القوى الشرائية بين الجنيه والدولار نحو 520.7 مليار دولار، بما يعنى أن سعر تعادل القوة الشرائية بين الجنيه والدولار هو دولار واحد = 3 جنيهات مصرية فقط. أى أن سعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار، كان مقدرا بنحو 46% من قيمته الحقيقية. أما الآن وبعد التراجع السريع مؤخرا لسعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار فإنه أصبح مقدرا بأقل من 40% من قيمته الحقيقية أمام العملة الأمريكية.
هل يمكن معالجة أسباب تراجع الجنيه؟
تتركز العوامل المؤثرة على حركة سعر الصرف لأى عملة فى حالة الموازين الخارجية للدولة وسعر الفائدة بالمقارنة مع الفائدة على العملات الأخرى، وحركة المؤشرات الرئيسية المعبرة عن أداء الاقتصاد وبالذات مؤشرات النمو والبطالة والتضخم.
وبالنسبة لسعر الفائدة الاسمى على الجنيه المصرى فإنه يبدو مرتفعا مقارنة بأسعار الفائدة على العملات الحرة الرئيسية، لكن سعر الفائدة الحقيقي، أى سعر الفائدة مطروحا منه معدل التضخم أصبح سلبيا فى مصر حيث يزيد معدل التضخم عن سعر الفائدة، وبالتالى فإن سعر الفائدة الحقيقى على العملات الرئيسية فى بلدانها يصبح أعلى من نظيره فى مصر. وترتيبا على ذلك يصبح سعر الفائدة فى صالح تعزيز مركز تلك العملات مقابل الجنيه المصري. وإذا كانت السياسة النقدية قد توجهت فى الفترة الماضية نحو تخفيض سعر الفائدة لتيسير اقتراض الرأسماليين لتمويل مشروعاتهم، فإن ذلك لا يخدم تماسك الجنيه المصرى واستقراره، إذ يجب أن يسبق مثل ذلك التخفيض معالجة فعالة لارتفاع الأسعار فى مصر والعائد بصورة اساسية لانتشار الاحتكارات الإنتاجية والتجارية فى مصر.
أما بالنسبة لحالة الموازين الخارجية للدولة فإنها إذا كانت متوازنة أو تحقق فائضا، فإن ذلك يعزز العملة المحلية، والعكس صحيح. وتشير البيانات الرسمية إلى أن الميزان التجارى المصرى يعانى من عجز ضخم بلغ 33.7 مليار دولار فى العام المالى 2013/2014، مقارنة بعجز بلغ 30.7 مليار دولار عام 2012/2013، ونحو 34.1 مليار دولار عام 2011/2012، ونحو 27.1 مليار دولار عام 2010/2011، ونحو 25.1 مليار دولار عام 2009/2010. أى أن لدينا عجزا كبيرا ومتواصلا فى الميزان التجاري، وهو عجز متواصل بلا انقطاع منذ ما يزيد على أربعة عقود.
وأى محاولة لإصلاح الموازين الخارجية ودعم الجنيه المصرى وضمان استقراره لابد أن تبدأ بإصلاح عجز الميزان التجارى سواء من خلال تنشيط وتنويع الصادرات بما يتطلبه من تنويع وتطوير الإنتاج القابل للتصدير، أو من خلال ترشيد الواردات بالذات فى أوقات الأزمات مثل تلك التى يمر بها الاقتصاد المصرى فى الوقت الراهن. ومن المؤكد أن تطوير الإنتاج القابل للتصدير يتطلب استثمارات جديدة وحديثة، وبالتالى فإن معدل الاستثمار حاكم فى هذا الشأن. وتشير البيانات الرسمية إلى أن معدل الاستثمار فى مصر بلغ 14% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2013/2014، وهو أقل من نصف نظيره فى مجموع الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، وقرابة ثلث نظيره فى الدول سريعة النمو فى شرق آسيا والمحيط الهادي، وأقل من 30% من نظيره فى الصين.

أما ميزان تجارة الخدمات فإنه يسفر عن فائض بلغ 979 مليون دولار فقط فى عام 2013/2014، مقارنة بنحو 5 مليارات دولار عام 2012/2013، ونحو 5.6 مليار دولار عام 2011/2012، ونحو 7.9 مليار دولار عام 2010/2011، ونحو 10.3 مليار دولار عام 2009/2010. وهذه البيانات تعنى أن مصر على وشك فقدان فائضها التاريخى الدائم فى ميزان تجارة الخدمات. وإذا علمنا أن تدهور إيرادات السياحة هو السبب الرئيسى فى تآكل فائض ميزان تجارة الخدمات، فإن ذلك يعنى أن استعادة هذا الفائض مرتبط بشكل وثيق باستعادة التدفق السياحى لمصر. وتملك مصر إمكانيات هائلة فى السياحة الثقافية والأثرية وسياحة المنتجعات والغوص والسفارى والسياحة العلاجية، ولديها بنية أساسية سياحية ضخمة ومتميزة، وتتمتع بقدرة تنافسية ممتازة من زاوية تكلفة السياحة فيها، والأمر يتعلق كليا بالاستقرار الأمنى وبالضوابط السلوكية والبيئية فى المناطق السياحية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن إيرادات مصر من السياحة الداخلة إليها بلغت 5.1 مليا ر دولار عام 2013/2014، مقارنة بنحو 9.8 مليار دولار عام 2012/2013، ونحو 9.4 مليار دولار عام 2011/2012، ونحو 10.6 مليار دولار عام 2010/2011، ونحو 11.6 مليار دولار عام 2009/2010 وهو عام الذروة القياسية للسياحة الأجنبية فى مصر. ويزيد من وطأة تدهور إيرادات السياحة الداخلة إلى مصر، أن مدفوعات السياحة المصرية فى الخارج ارتفعت إلى 3.1 مليار دولار عام 2013/2014، بحيث ان صافى العائد من هذا القطاع بلغ مليارى دولار فقط فى العام المذكور.
ومن المؤكد أن استكمال وتشغيل التفريعة الجديدة لقناة السويس والزيادة الكبيرة المتوقعة فى حركة المرور فيها سوف تسهم فى زيادة رسوم المرور فيها تدريجيا من مستواها الراهن البالغ 5.4 مليار دولار، إلى ما يقرب من ضعف هذا الرقم خلال ما يقل عن خمسة أعوام. وهذا قد يحسن ميزان تجارة الخدمات، لكن الأهم منه هو توظيف منطقة القناة فى استثمارات صناعية وخدمية متنوعة وموجهة للتصدير.
ورغم أن تحويلات العاملين بالخارج تتكفل بسد جزء كبير من عجز مجموع تجارة السلع والخدمات، فإن ميزان الحساب الجارى الذى يجمع الميزان التجارى وميزان تجارة الخدمات والتحويلات يسفر عن عجز بلغ 2.4 مليار دولار عام 2013/2014، وهو عجز محدود بصورة مؤقتة بسبب المنح التى حصلت عليها مصر فى العام المالى المذكور بقيمة 5 مليارات دولار ( 4 مليارات دولار منح عينية، ومليار دولار منحة نقدية). وتشير تقديرات صندوق النقد الدولى إلى أن عجز ميزان الحساب الجارى فى مصر سيرتفع بقوة من 0.4% من الناتج المحلى الإجمالى عام 2014 إلى 4% عام 2015، أى عشرة أمثال العجز فى عام 2014. وكان ذلك العجز قد بلغ نحو 2% من الناتج المحلى الإجمالى عام 2010، وارتفع إلى 2.6% عام 2011، ثم إلى 3.9% عام 2012، وتراجع إلى 2.7% عام 2013 بسبب المساعدات الأجنبية التى تلقتها مصر فى ذلك العام. وهذا العجز فى ميزان الحساب الجارى يشكل أحد العوامل الضاغطة على الجنيه المصرى للتراجع أمام الدولار.
وبالنسبة لحركة المؤشرات الاقتصادية الرئيسية المعبرة عن أداء الاقتصاد المصري، فإنها تتحسن تدريجيا بالنسبة لمعدل النمو، لكنها لا تزال بحاجة لدفعة قوية فيما يتعلق بالبطالة، وإلى سياسة مالية ونقدية فعالة لكبح التضخم المتصاعد، والذى تشير تقديرات صندوق النقد الدولى إلى أنه ارتفع من 6.9% عام 2013، إلى 10.1% فى عام 2014، وأنه من المقدر له ان يرتفع إلى 13.5% فى العام 2015. وبالمقابل فإن المعدل بلغ نحو 1.6% فى الدول المتقدمة، ونحو 5.5% فى الدول النامية فى عام 2014. كما سيبلغ المعدل وفقا للتوقعات المستقبلية لعام 2015 نحو 1.8% فى الدول المتقدمة، ونحو 5.6% فى الدول النامية.
وحتى بالنسبة لحجم الاحتياطيات الرسمية من العملات الحرة فإنها تكفى لتغطية الواردات لمدة ثلاثة أشهر، وهو خط أحمر لا ينبغى النزول عنه مطلقا، وسوف تتعرض للتآكل إذا لم تتخذ مصر إجراءات فعالة لكبح الواردات غير الضرورية وتنشيط الصادرات والإنتاج القابل للتصدير، وتحقيق الأمن الضرورى لتنشيط إيرادات السياحة.
ومن ناحية أخرى فإن هناك قاعدة نقدية هى سيادة العملة المحلية فى سوقها، بمعنى ألا توجد أى عملة أخرى مستخدمة أو مسموح بحيازتها نقديا فى السوق المحلية. ومن يرغب فى تسوية اى تعاملات فى السوق المحلية عليه أن يتعامل فقط بالعملة المحلية سواء كان مصريا أو أجنبيا. وهذه القاعدة مخترقة ومدمرة فى مصر منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن. وبدون احترامها سيظل الجنيه يعانى التدهور بلا مبرر حقيقى فى الكثير من الأحيان. كما أن بعض شركات الصرافة وبالذات تلك المملوكة للإخوان والسلفيين تقوم بتعطيش السوق، وتكديس العملات الحرة وإجراء بعض التعاملات غير الرسمية التى تشكل جزءًا مهما من قوام السوق السوداء. وهذه الممارسات تسهم فى الضغط على الجنيه المصري. كما أن جانبا من العملات الحرة التى يجرى التعامل عليها فى السوق السوداء تستخدم عادة فى تمويل تجارة السلاح والمخدرات، بما يشكل ضررا مضاعفا للمجتمع باستنزاف رصيده من العملات الحرة وتخريبه بتلك التجارة غير المشروعة والمدمرة أمنيا وصحيا.
التضخم هو النتيجة الوحيدة المؤكدة
سوف يؤدى التراجع فى سعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار إلى موجة من ارتفاع الأسعار لأن كل السلع المستوردة التى بلغت قيمتها فى العام المالى الماضى 59.8 مليار دولار تعادل نحو 20% من الناتج المحلى الإجمالى سوف ترتفع أسعارها لدى تقديرها بالجنيه المصرى بنفس نسبة انخفاض الجنيه مقابل الدولار. لذا فإن معدل التضخم يمكن أن يتجاوز تقديرات صندوق النقد الدولى فى الواقع.
وهذه الموجة من ارتفاع أسعار السلع المستوردة، يتبعها عادة ارتفاع أسعار السلع المحلية المناظرة لها أولا ثم كل السلع. وهذه الموجة التضخمية القادمة سيعانى منها الفقراء والطبقة الوسطى وبالتحديد كل من يعملون بأجر حيث تتحرك أجورهم بمعدلات أدنى من الارتفاعات السريعة فى الأسعار، بينما ستتزايد قيمة وثروات أصحاب حقوق الملكية ببساطة لأن ممتلكاتهم ارتفعت أسعارها.
وسوف تتزايد الأعباء على رجال الأعمال الذين حصلوا على قروض بالدولار أو العملات الحرة لتمويل استيراد الآلات والمعدات والمستلزمات الضرورية لأعمالهم، حيث سترتفع قيمة القروض مقدرة بالجنيه المصرى لتضيف عليهم أعباء طارئة وغير متوقعة، مما ينذر بحدوث حالات تعثر فى السداد يجب أن يستعد لها الجهاز المصرفي.
وبالمقابل فإن شركات الصرافة المملوكة فى غالبيتها للمتطرفين دينيا وعلى رأسهم الإخوان حيث كان بعض رموزهم ضمن تجار العملة فى السوق السوداء فى زمن تجريمها بما فى ذلك أكبر رجال الأعمال المنتمين لهم، سوف تتزايد ثرواتهم تبعا لحجم ما بحوزتهم من دولارات وعملات حرة. كما أن الفارق الكبير بين سعرى شراء الدولار وبيعه لدى شركات الصرافة وفى السوق السوداء، يتيح لشركات الصرافة تحقيق جبال من الأرباح من هذه الفوارق، بعد أن كان الفارق قبل التعويم لا يزيد على ثلاثة قروش. كما أن غالبية تلك الشركات ومن تجربة مباشرة تشترى الدولار والعملات الحرة، وترفض البيع للراغبين فى الشراء، مما يوحى بأنها يمكن أن تبيع الحصيلة فى السوق السوداء لمن يقومون بالتجارة غير المشروعة فى استيراد الأسلحة والمخدرات.
ويشير صندوق النقد الدولى عادة، عند تبريره لطلب خفض سعر صرف العملة المحلية أو تعويمها، إلى أن خفض سعر العملة المحلية يؤدى لزيادة القدرة التنافسية للصادرات، وهو مبرر نظرى لا قيمة له فى حالة مصر، لأن جمود الإنتاج وضعف النمو فى مصر حاليا يعنى أنه ليس هناك فائض من السلع لتصديره فى بلد بلغ العجز التجارى فيه نحو 33.7 مليار دولار فى العام المالى 2013/2014، وأن الأفضل هو البحث عن تحريك هذا النمو والبحث الداخلى عن بدائل لتنشيط الاستثمار المحلى والأجنبي، والسعى بقوة لتحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى الضروريين لجذب السياحة والاستثمارات، وضبط الموازين الخارجية والحفاظ على سعر فائدة حقيقى إيجابى والتمسك بسيادة الجنيه المصرى فى سوقه كآليات لضمان استقرار سعر الصرف وتوظيفه بشكل فعال لخدمة الأهداف الاقتصادية.


No comments: