Friday, April 10, 2015

قليل من العقل

بقلم إبراهيم عبد المجيد
قداسة البخاري ليست بنت اليوم . هي بنت تاريخ قديم لعله بدأ تقديرا لجهد الرجل في جمع آلاف الأحاديث ووصفه لرحلاته عبر البلاد العربية وكيف قبل الكثير جدا مما سمع ولم يقبل الأكثر . لقد ولد البخاري سنة 194 هجرية . ويقال إنه بدأ جمع الأحاديث في سن السادسة عشر . يعني سنة 210 هجرية . وطبعا لم يكن هناك أحد من الصحابة حيا ليسمع منه . لكنه سمع من التابعين ومن بعدهم . والنظر إلي هؤلاء التابعين الذين عاصروا بعض الصحابة سنجد أنهم لابد تجاوزوا سن المائة بكثير أو قاربوا عليها ومن ثم معاصرتهم للصحابة كانت في طفولتهم وليس في مراحل إدراك حقيقية . الحسين بن علي وهو تقريبا أصغر الصحابة ولد في السنة الرابعة من الهجرة . أى صحب الرسول سبع سنين وهو طفل ومات سنة 68 هجرية ومن ثم ففرصة أن يعيش غيره من الصحابة الذين كانوا أطفالا أصغر في عهد الرسول ، أكثر من الحسين . ليست واردة وإذا كانت واردة فستكون لأعوام قليلة . ومن ثم سيكون تابعوهم في عمر متقدم جدا فالتابعي الذي عاصر الحسين وسنه عام واحد سيكون عمره مائة وثلاثين سنة مثلا ! . والبخاري نفسه الذي يقول إنه أخذ عن التابعين لا بد أن عددهم قليل وعن تابعيهم وهم شيوخ محل ثقة حفظوا ما سمعوه من قبل ، لقد أهمل البخاري نفسه آلاف الأحاديث كما قلت فالرجل لم يكتب كل ما سمعه . إذن فالرجل يعرف أن مرور هذا الزمن يمكن أن يشوه الحديث أو يعدّل منه ويلغي معناه ، هو نفسه فعل ذلك فلماذا لايفعل الأزهر ذلك ، البخاري العظيم بحق قام بجهد كبير لكن ألا يمكن أن يكون النسيان أو الخطأ قد أصاب كثيرا من أحاديث تم تناقلها لأكثر من مائتي سنة . وهل كان من ساقوا إليه الأحاديث يعرفون أنه سيظهر يوما ليجمعها فحافظوا عليها كما هي،  ولو كانوا يعرفون ألا يمكن احتمال الخطأ في النقل أو اللغة . الواحد منا كثيرا ما يقابله صديق يسأله هل صحيح أنك قلت كذا وكذا أمس فيندهش ويقول له لا بد أن من أبلغك نقل عني خطأ أو نسي شيئا من الكلام فما بالك بكلام مضى عليه مائتا سنة . في اللغة هذه مشكلة كبيرة تنتج عن سوء الفهم وقد تسبب مشاكل كبري بين الناس وتنتهي أحيانا إلي القتل كما حدث في مسرحية البير كامي "سوء تفاهم" التي قتلت فيها الأم ابنها وشاركتها القتل بنتها ولم يكن البير كامي يقصد إلا أن سوء الفهم قدر إنساني فهو وجودي الفكر . لكن بعيدا عن الوجودية فنحن نري سوء الفهم كل يوم حولنا فما بالك في نقل أحاديث مر عليها أكثر من مائتي سنة . ماهي المشكلة أن يدرك الأزهر ذلك خاصة وأن كثيرا منها يسيئ إلي الرسول الكريم أو الى السيدة عائشة حين تضعه علي مقياس العقل . هناك اعتراف من الأئمة بأن هناك احاديث ضعيفة وأحاديث صحيحة وهذا جيد لكن لا بد من الاعتراف بأن هناك احاديث لا معني لها ومسيئة مثل حديث الذبابة التي في جناحها داء والثاني دواء . النبي كان نظيفا والنظافة من الإيمان فليس معقولا أن نأكل الذباب اذا سقط في كوب أو إناء . وكذلك حديث إرضاع الكبير الذي قاله أبو هريرة عن عائشة رضي الله عنها . عائشة لم تلد ولا بد أن تعرف أن اللعب بالثدي أحد مداخل الشهوة فهل يمكن أن نصدق انها قالت هذا الكلام ؟ اليس فيه إساءة لعائشة نفسها كما يسيئ الحديث السابق إلي النبي الكريم . وهكذا في عشرات بل مئات من الأحاديث ليس التي أتي بها البخاري فقط لكن أيضا مسلم وابن حنبل وغيرهم . أيها الأزهر الشريف قليل من الهدوء والعقل والتعقل يرحمكم الله .

No comments: