محمد الدويك
الألمان حرقوا اليهود في أفران الغاز.
والأتراك ذبحوا الأرمن.
واليابانيون قتلوا الأطفال واجبروا النساء
على العمل كعاهرات.
والأمريكان قتلوا 20 مليون هندي أحمر إلى
جوار 3 مليون مواطن افريقي مضاف إلى استعباد أكثر من 30 مليون آخرين.
بعض هذه الحوادث لم يمض عليها ستين سنة
مثل اليهود وهتلر، وبعضها قبل ذلك بفترة بسيطة قبل الحرب العالمية الثانية أثناء الامبراطورية
اليابانية. وبعضها تجاوز القرن بقليل.
لكن دعنا ننظر لأحفاد هؤلاء المجرمين والقتلة،
ستجد أن اليابانيون هم أكثر الشعوب تحضرا ورقيا، والألمان أكثرهم دقة وانضباطا، والأمريكان
أكبر دولة من حيث انتاج الثقافة والعلم، والأتراك أنظف الشعوب المسلمة وأكثرها لحوقا
بالاقتصاد العالمي.
على النقيض، اليونان التي هي أقدم الحضارات،
هي الآن أكثر الدول الأوروبية فقرا، والمصريون اصحاب حضارة 7 آلاف سنة يشربون الماء
الملوث وبعضهم لا يملك دورة مياة ذات سيفون.
ماذا يعني هذا..؟ يعني أن الماضي ليس حجة
على الحاضر إلا في نظر المتخلفين والحمقى والدجالين، بل إن ماضي الشخص الواحد ليس دليلا
بالضرورة على حاضره ومستقبله. هناك من امتلك القوة والصلابة النفسية على تجاوز خطايا
الماضي وسقطاته وجعلها درعا وحافزا على النهوض والتقدم. وهناك من فشل في حاضره فعاش
بكائيات لا تنتهي.
الله قال عن النفس البشرية أن فيها الفجور
والتقوى. أعلى عليين وأسفل سافلين. وأن الايمان يزيد وينقص. وأن الحسنات يذهبن السيئات.
وأن الله وهبه السمع والبصر والجوارح ليتعلم ويكتسب الخبرات وينضج، وأن الباب مفتوح
أمامه كل ليلة للتوبة وتصحيح المسار. وأن الله يقبل من الانسان الخطأ والزلل والغواية،
بل يجعل الخطأ فريضة، شريطة التوبة ورقة القلب والتخلص من الطغيان والكبر والعجب بالذات.
وقال عن التاريخ (تلك أمة قد خلت لها ما
كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) أي لستم مساءلون عن أخطائهم وجرائمهم،
ولا أنتم تكتسبون فضلهم وانجازاتهم، لكل أمة عملها، وبدلا من الانشغال في صراعات الماضي
وأعمال الموتى انشغل بصناعة واقعك الذي أنت مسئول عنه.
No comments:
Post a Comment