Saturday, March 17, 2012

وائل عبد الفتاح :من يحمى اللصوص؟

March 17th, 2012 9:13 am
لماذا يلقون التحية للمجرم؟
سؤال قديم: لماذا يتعاملون على أن الباشا باشا ولو فى الزنزانة؟
سؤال أقدم: ولماذا يقاتلون لكى لا تُغلَق بوّابة سجن على مبارك؟
ها نحن دخلنا إلى أسئلة أحدث.. وأصعب.. وأكثر كشفا لطبيعة ما يسمونه «دولة» وهو ليس كذلك.
الدولة لها قوانين… ونظام.. يتفق الجميع على أنه يحقق المصلحة العامة.
ما يسمونه دولة هنا يقوم على هوى من يجلس على المقعد، والمصلحة العامة تكون هى ما يراه هو، والحماية تكون لمن يثق بهم.هذه عصابة لا دولة.

وإلا فكيف يمكن أن يدفع آلاف المصرين أرواحهم لإسقاط نظام ثم يتحول كل هذا إلى عبث وسراب لأن من تسلموا السلطة أعادوا «دولتهم» وفرضوا هيبتها تحت وابل من التصفيق الحاد لجماهير مرعوبة فى بيوتها وجوقة منافقين تنتفخ عروقهم لأنهم يرون أولياء نعمتهم غاضبين من تجاسُر الشعب على «عصابة الدولة».
إنهم فعلا عصابة الدولة، وإلا فكيف يصدر الاتحاد الأوروبى فى 21 مارس 2011 قرارا بتجميد أرصدة لصوص نظام مبارك ولا يتلقى ردا على مدار عام كامل؟!
القرار رقم 270 لعام 2011 من الاتحاد الأوروبى ينص بوضوح على «تجميد أموال وممتلكات 18 شخصية مصرية».. ما تهمتهم بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبى؟
ليس فقط لأنهم نهبوا الثروات ولا استغلوا مناصبهم لرفع أرصدتهم المالية.. ولكن لأنهم «حرموا الشعب المصرى من فوائد التنمية… وسرقوا مخصصات إقامة الديمقراطية فى الدولة».
لم ينتظر الاتحاد الأوروبى أحكاما من نظام قانونى صُمم خصيصا لحماية المستبد وعصابة فساده… لكنه طلب من الحكومة المصرية معلومات أولية عن الأسماء الرباعية للأشخاص أو معلومات تؤكد أو تنفى تهمتهم.
القائمة تتضمن مبارك وعائلته وأحمد نظيف وعائلته وأحمد عز وعائلته وغيرهم من أسماء قادت عملية نهب مصر عبر مناصبهم فى «الدولة».
الاتحاد الأوربى تصور أنها «دولة» ما دامت مسجَّلة فى الأمم المتحدة ولها عَلَم وبروتوكول وسفارة… وربما لا يعرفون أنهم بقوة السلطة المطلقة حولوها إلى مزرعة للفساد المطلق… الفساد عابر الأزمان… الذى يجد من يحميه بعد ثورة شعبية سلّمت مسؤولية المرحلة الانتقالية إلى المجلس العسكرى.
هل الفساد أقوى من الدم والروح؟
هل الفساد قادر على تحويل الثورة إلى «خناقة فى حارة»؟
قرار الاتحاد الأوروبى لم يطلب أحكاما قضائية لأنهم يعرفون ماذا يعنى أن تدخل الحقوق سردابا طويلا تحكمه قوة المركز فى السلطة لا قوة السلطة فى حمايتها للدولة.
الاتحاد الأوروبى اتخذ قراره واضحا لكى يحافظ على «الثقة القانونية» ولكى لا تشارك دول الاتحاد فى حماية اللصوص.
نعم فى كل دولة لصوص.. لكنهم هنا يحكمون ويفصّلون الدولة على مقاسهم.
اللصوص هنا صوتهم عالٍ… يطلبون الهيبة ويتبجحون بأنهم خدموا الوطن… فى انقلاب للقيم يجعل السرقة شطارة لا جريمة.
إنها تفكيك وهدم للدولة من أساسها.
الدولة ليست مبنى يحرقه غاضبون أو مخبرون.
الدولة رابطة يتفق المجتمع على أنها تحقق مصلحته… رابطة تقوم على الثقة والمساواة.
كيف نثق بدولة تحمى القاتل والسارق وتحارب الثورى والشريف؟
كيف نثق بدولة تريد توفير غطاء حماية لكى لا يدخل مبارك الزنزانة وتصبح سابقة…؟ كيف يحمون رئيسا خان أمانة المسؤولية لأنه كان زميلهم أو قائدهم… كأننا فى قبيلة تتكالب ضد القبائل الأخرى؟
مَن الذى عطّل قرار الاتحاد الأوروبى تجميد أموال اللصوص؟
ولماذا لم تردّ حكومات المرحلة الانتقالية؟
لماذا تحمى الثروات المنهوبة؟
لمصلحة مَن يثق اللص فى حماية السلطة له ولا يثق الفرد العادى فى أنها ستحقق العدل وتعيد الحق؟
هل تريدون أن تقولوا للجميع إننا كنا تحت حكم عصابة وستتسلمنا الآن عصابة جديدة…؟
سمعنا وفهمنا.. وانتظروا لعنة الدماء التى بذلها أصحابها فى سبيل حلم الدولة المحترمة.
انتظروها.

No comments: