Sunday, April 8, 2012

الرجل الغامض .... تساؤلات ساذجة

بقلم أ.د. محمد نبيل جامع Apr.7. 2012
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
01227435754
7/4/ 2012
اعذرني سيادة الرجل الغامض، الغامض بالنسبة لي شخصيا. هل ستنيرنا ببرنامجك الرئاسي لـ "للهطة" المحروسة بعد ثورة 25 يناير التي قامت لتجتث نظام مبارك الذي كنت أحد أعمدته الأساسية؟ منذ بداية التسعينات، على ما أتذكر، وسيادتك تحمل ملفات إسرائيل وغزة والضفة الغربية وما يختلط بها من علاقات إستراتيجية مع أمريكا. وأنا أتساءل ما هو الإنجاز العظيم لسيادتك في تلك الملفات سوى استمرار الانبطاح لإسرائيل والتعبير الصريح للمسئولين الإسرائيليين بأن سيادتك أفضل من يريحهم ومن يتعامل معهم إضافة إلى أنهم كانوا يرون، بل يتمنون، أن تكون سيادتك الرئيس التالي بعد مبارك الذي كان بالنسبة لهم كنزا استراتيجيا ولكنه على وشك الرحيل بسبب دواعي العمر والصحة؟
شاركت أيها الرجل الغامض مع المجلس العسكري الموقر في "التحالف السري" باستضافتك للإخوان المسلمين لإجهاض الثورة الينايرية المجيدة، فكيف بالله عليك تقدم على تقديم نفسك لشعب ليضعك على كرسي رئاسة الجمهورية على أنك ستحقق مطالب الثورة؟ هل لا زلت مقتنعا، كما صرحت سيادتك من قبل، بأن الشعب المصري غير مستعد لممارسة الديمقراطية، ومن ثم فسوف تجلس على كرسي الرئاسة بطريقة غير ديمقراطية؟ هل تصورت أن هذا الشعب هو على تلك الدرجة من البلاهة والهطل والعبط بحيث يُصَدق بعض أبواق الدعاية المجلسية العسكرية بأن سيادتك مرشح الثورة المنتظر ناسين أنك كنت المُشَرح الشرعي والمُجْهض الحقيقي للثورة مع أدعياء الدين والتيار الإسلامي وبقية كهنة فرعون؟
غالبا ما يكون التردد في شيء إنما ينم عن عدم الإيمان به، وها أنتم قد ترددتم مرارا قبل إعلان ترشيحك لمنصب الرئاسة على أساس مطالبة البهلوان توفيق عكاشة وجماعات الأسر العسكرية وجماعة آسفين يا ريس والشباب البليد، المنتفع، الذي يشعر بالنقص وعدم المشاركة في الثورة والحقد على الشهداء ومصابي الثورة والثوار جميعا وهم يلتفون بالكوفيات الفخمة والملابس الدفيئة والثوار يجاهدون في البرد الشديد ومواجهة الماء البارد من خراطيم الداخلية ورصاص الغادرين. هل استجبت لهؤلاء وتصورت، وأنك أنت الحاذق الذكي، أن هذا هو شعب مصر الذي قام بالثورة؟
سيدي الرجل الغامض هل نسيت أنك نائب الرئيس المخلوع، وحامي حماه بمخابراتك الفذة؟ هل نسيت الحزن والخزي اللذين كانا يرتسمان على ملامح وجهكم الكريم وأنت تعلن النبأ الذي أشعل السعادة والأمل في قلوب المصريين كافة بتوكيل الطاغية للمجلس العسكري لإدارة شئون البلاد؟ كيف بالله عليكم تعود رئيسا لهذا الشعب المخدوع الصابر المغلوب على أمره بعد أن خرج من قمقم الاستبداد والزيف والاستعباد؟
سيادة الرجل الغامض، كيف تخرج من ثقافتك العسكرية المعتمدة على السمع والطاعة والأمر والائتمار لتحكم دولة بالديمقراطية؟ وكيف تخرج من ثقافتك المخابراتية المعتمدة على التعتيم والسرية والخداع لكي تحكم شعبا بالشفافية والمحاسبية والعدل والإنسانية؟ الطبع يغلب التطبع، والمهنة "مخرطة" الشخصية. هل تعلم أن كاتب هذا المقال، وقد بلغ من الكبر عتيا، لم يسمع صوتك الرخيم، ولم يسمع لسيادتك تصريحا أو كلمة إلا تلك الكلمات المسعدة ليلة التنحي البهيجة؟ اعلم سيادة الرجل الغامض أنك لن تبدع إلا في ما أنت أهل له، وآخر ذلك رئاسة الجمهورية لدولة حرة ديمقراطية تليق بمصر الحبيبة.
وفي النهاية، إذا لم تزور الانتخابات الرئاسية الحالية، وفزت سيادتكم أيها الرجل الغامض بمنصب الرئاسة، فلن يكون ذلك إلا اعترافا رسميا من جانبي بأنك أنت العدل الحكيم، ثاقب البصيرة، زعيم المخابراتيين حقا، وأن هذا الشعب جاهل بالفعل، لا يستحق الديمقراطية، ولم ينضج بعد لتناولها. أما إذا لم توفق سيادتكم، وهذا ما أثق في حدوثه، وكان الشعب على قدر ما أثق فيه أنا شخصيا من نضج ووعي وشوق للديمقراطية وقدرة على ممارستها فحينئذ تكون سيادتكم بعد هذا العمر الطويل لم تكتسب درهما من عدل عمر ولا دينارا من حكمة سليمان.

No comments: