Sunday, November 4, 2012

عبد القادر عودة (1906-1954م) قاضي وفقيه دستوري

عبد القادر عودة لحظة إعدامه
ولد بقرية كفر الحاج شربيني من أعمال مركز شربين، في عهد اللواء محمد نجيب عُيّن عضوًا في لجنة وضع الدستور المصري، وكان له فيها مواقف لامعة في الدفاع عن الحريات، ومحاولة إقامة الدستور على أسس واضحة من أصول الإسلام، وتعاليم القرآن. في عام 1953م انتدبته الحكومة الليبية لوضع الدستور الليبي.
في 28 فبراير 1954م قامت مظاهرة أمام قصر عابدين، قصر الجمهورية، لتهنئة محمد نجيب بعودته لرئاسة الجمهورية. حين ارتفعت هتافات واحدة، ورفعت المصاحف: لا شرقية لا غربية.. إسلامية إسلامية.. إسلامية قرآنية. ثم ارتفع صوته بخطاب ملتهب أشار فيه إلى تصدي قوات من الجيش لطلاب جامعة القاهرة وطلاب مدارس الجيزة، وإطلاق الرصاص عليهم وسقوط عدد من الشهداء. فكان جزاء الشهيد عبد القادر أن ألقي القبض عليه وعلى الأستاذ عمر التلمساني بعد خمسة أيام من هذه المظاهرة، ووُجهت له تهمة العمل على قلب نظام الحكم في مظاهرة 28 فبراير.
تم أعدامه بعد إتهام جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة إغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في حادثة المنشية عام 1954م، وبسببها تم إلقاء القبض على عدد كبير من الإخوان المسلمين، ومعارضي حكم جمال عبد الناصر ومحاكمتهم أمام محاكمة عسكرية استثنائية بقيادة قائد الجناح جمال سالم، والتي أصدرت أحكام بإعدامه مع عدد آخر من قيادات الإخوان المسلمين وتم إعدامهم في 7 ديسمبر 1954. وتلى ذلك محاكمة عدد آخر من زعماء الإخوان المسلمين في عام 1966م، وعلى رأسهم سيد قطب حيث قضت المحكمة العسكرية بقيادة الفريق الدجوى بإعدامه مع كل من يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل (إخوان مسلمون)
وإليكم رأى الأستاذ عبد القادر عودة رحمه الله فى تطبيق الشريعة :
لقد أدت الشريعة وظيفتها طالما كان المسلمون متمسكين بها عاملين بأحكامها (انتبهوا إلى قوله: عاملين بأحكامها) تمسك بها المسلمون الأوائل وعملوا بها وهم قلة مستضعفة يخافون أن يتخطفهم الناس، فإذا هم فى عشرين سنة سادة العالم وقادة البشر، لا صوت إلا صوتهم، ولا كلمة تعلو كلمتهم، وما أوصلهم لهذا الذى يشبه المعجزات إلا الشريعة الإسلامية التى علمتهم وأدبتهم، ورققت نفوسهم، وهذبت مشاعرهم، وأشعرتهم العزة والكرامة، وأخذتهم بالمساواة التامة، والعدالة المطلقة، وأوجبت عليهم أن يتعاونوا على البر والتقوى، وحرمت عليهم الإثم والعدوان، وحررت عقولهم من نير الجهالات والشهوات، وجعلتهم يعتقدون أنهم خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله.
كان ذلك حال المسلمين طالما تمسكوا بشريعتهم، فلما تركوها وأهملوا أحكامها (لاحظ: أهملوا أحكامها) تركهم الرقي وأخطأهم التقدم، ورجعوا القهقرى إلى الظلمات التى كانوا يعمهون فيها من قبل، فعادوا مستضعفين مستعبدين، لا يستطيعون دفع معتد ولا الامتناع عن ظالم.
وقد خيل للمسلمين، وهم فى غمرتهم هذه، أن تقدم الأوربيين راجع لقوانينهم وأنظمتهم، فذهبوا ينقلونها وينسجون على منوالها، فلم تزدهم إلا ضلالا على ضلالهم، وخبالا على خبالهم، وضعفا على ضعفهم، بل جعلتهم أحزابا وشيعا، كل حزب بما لديهم فرحون، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
ولو أراد الله بالمسلمين خيرا لعلموا أن الشريعة الإسلامية، وقد جاءت كاملة لا يشوبها نقص، حاملة فى طياتها وسائل التقدم والتطور المستمر للمجتمع، هى أصلح الشرائع لعصور التقدم وعصور التأخر على السواء، لأنها فى كل الأحوال ترمى إلى أن تكون الجماعة الصالحة، وتوجهها دائما للتقدم المستمر، والتطور الصالح، ولا تقنع من ذلك بما هو دون الكمال التام.
عبد القادر عودة ـ التشريع الجنائى الإسلامى مقارنا بالقانون الوضعى ـ جـ 1 ـ ص 22، 23 ـ طبعة دار الكاتب العربى ببيروت

No comments: