محمود الكردوسي الأربعاء 10-09-2014
يقول الناس إذا ما أفرط شخص فى السعى نحو «منصب»
أو انتظاره.. إنه «عبده مشتاق». و«الهاء» هنا ضمير يدل على «المنصب»، وهذا يعنى أن
الموضوع ليس «اشتياقاً» فحسب.. بل «عبودية» أيضاً. لكن السيد «عمرو موسى» (78 عاماً)
تجاوز المرحلتين (الاشتياق والعبودية) وأصبح مستعداً -منذ ترك منصبه كأمين عام للجامعة
العربية فى 2011- أن يقلد عجين الفلاحة، أو يتخلى عن شمخة الدبلوماسى ليحتسى «منقوع
جثث» مع قيادات «داعش».. إذا كان المقابل «منصباً» يبقيه فى دائرة الضوء!. لقد أصيب
الرجل فى أعقاب «مؤامرة 25 يناير» بـ«سعار مناصب»، رغم أنه قضى أكثر من عشرين عاماً
يرتع فوق ثلاث قمم، لم يصل إليها دبلوماسى مصرى من قبل: مندوباً دائماً لمصر فى الأمم
المتحدة 1990، ثم وزيراً للخارجية من 1991 إلى 2001، ثم أميناً عاماً للجامعة العربية
من 2001 إلى 2011، والمنصب الأخير تسلمه «نبيل العربى» -عديل ونسيب الصنم الأعظم محمد
حسنين هيكل- فى صفقة قذرة لحساب «قطر» التى لو نكشتها عن بكرة أبيها لما وجدت سوى
«عشرة أصابع» تلعب فى المنطقة، ولو قشرت الأصابع العشرة لما وجدت سوى «موزة» واحدة
مسممة!.
كان ممكناً أن يستريح السيد «عمورة» مكتفياً
بقممه الدبلوماسية الثلاث، وأن يبدأ «كورس» مكثفاً لعلاج «السعار» الذى جلب عليه فيما
بعد سيلاً من الانتقادات، سواء من قوى مدنية أو إسلامية، وأفقده الكثير من مهابته..
ونجوميته بالطبع. وكانت الفرصة مهيأة: «21 عشرة طاولة» مع «شعبولا القلة» على أى غرزة
فى «عزبة إسرائيل» (يمين فيصل). لكن الرجل أبى واستكبر، ثم تبعجر وتمنخر ودار دورتين
أمام المرآة، ثم أحكم ربطة عنق «رجل الدولة»، ورش رشتين من قنينة الحاج عبدالرحيم الزرقانى
فى «أرض النفاق»، وسأل الرجل الواقف أمامه فى المرآة: «رئيس جمهورية.. . Why not»؟!.
فى سنة 2011، عندما ترك السيد «عمورة الدبلوماسى»
منصب وزير الخارجية، كان يحتفل بيوبيله الماسى (75 عاماً)، وهى سن مناسبة للاعتزال.
وكان قد مضى على التحاقه بـ«السلك» 53 عاماً دون أن «يكعبله»، أو «يكهربه»، أو يلتف
-بعد الشر- على رقبته، لأن الرجل -ببساطة، وبحكم أنه «حياالله حتة موظف» فى نظام مبارك-
كان يصعد سلم المناصب بمحاذاة هذا «السلك». وفى تلك السنة المشؤومة.. زحفت على مصر
أعاصير «مؤامرة 25 يناير» الغاشمة، فخلطت الحابل بالنابل، وكادت تقتلع مؤسسات الدولة،
وتقيأت الأرض يومها غائطاً كريهاً جمع بين الخونة والمرتزقة والبلطجية ونحانيح النخبة
وعملاء حقوق الإنسان والباحثين عن حصة فى كعكة الخراب. كان المشهد مخيفاً وعبثياً،
ومغرياً للطامعين فى تعديل أو استعادة مواقعهم القديمة. وكان من «السيولة» بحيث أن
كثيراً ممن ينتمون إلى نظام مبارك أو الذين عملوا تحت مظلته مثل «السيد عمورة».. غيروا
مواقفهم فور إعلان الرجل تخليه عن الحكم.
قصة عمرو موسى مع مبارك، ورحلته خلال السنوات
الثلاث التى أعقبت «مؤامرة 25 يناير» -بما فى ذلك علاقته بجماعة الإخوان الإرهابية-
سيأتى ذكرها فى مقال لاحق. لكننى مندهش من إصراره على ألا يخرج من المشهد السياسى،
وألا يترك «موجة» إلا وركبها.. وكأنه صدق أننا صدقنا أنه «آخر الرجال المحترمين»!.
وأنا لا أعتقد أن أياً من وزراء خارجية مصر السابقين -خاصة فى عهد الرئيس مبارك- أصابه
هذا السعار بعد أن ترك موقعه!. ولا أعرف ما الذى كان ينقص عمرو موسى ليورط نفسه فى
مغامرات سياسية بائسة وفاشلة آخرها «فضيحة عشاء» مع «أبولهب» الإخوان -خيرت الشاطر-
قبيل اندلاع ثورة 30 يونيو بنحو ثلاثة أسابيع، ورطه فيها -بمزاجه وبكامل وعيه وإرادته-
«أيمن نور»، أحد أبطال فضيحة اجتماع «سد النهضة»، حيث بحث الاثنان (الشاطر والسيد عمورة)
سبل المصالحة بين الحاج «بابا غنوج» والست «أم على».. عبط إحنا يا عصام!.
No comments:
Post a Comment