Friday, August 14, 2015

دكتور مصطفى محمود من كتــاب / أنــاشيــد الإثــم و البــراءة


لو سألني أحدكم .. ما هو الحب؟ ما هي علامات الحب ؟؟ و ما شواهده ؟؟
لقلت بلا تردد أن يكون القرب من المحبوبة أشبه بالجلوس في التكييف في يوم شديد الحرارة و أشبه باستشعار الدفء في يوم بارد ..
لقلت هي الألفة و رفع الكلفة
و أن تجد نفسك في غير حاجة إلى الكذب .. و أن يُرفع الحرج بينكما ، فترى نفسك تتصرف على طبيعتك دون أن تحاول أن تكون شيئاً آخر لتعجبها .. و أن تصمتا أنتما الإثنان فيحلو الصمت ، و أن يتكلم أحدكما .. فيحلو الإصغاء .. و أن تكون الحياة معا هى مطلب كل منكما قبل النوم معاً .. و ألا يطفئ الفراش هذه الأشواق و لا يورث الملل و لا الضجر و إنما يورث الراحة و المودة و الصداقة .. و أن تخلو العلاقة من التشنج و العصبية و العناد و الكبرياء الفارغ و الغيرة السخيفة و الشك الأحمق و الرغبة فى التسلط ، فكل هذه الأشياء من علامات الأنانية و حب النفس و ليست من علامات حب الآخر .. و أن تكون السكينة و الأمان و الطمأنينة هى الحالة النفسية كلما التقيتما . .
و ألا يطول بينكما العتاب و لا يجد أحدكما حاجة إلى اعتذار الآخر عند الخطأ ، و إنما تكون السماحة و العفو و حُسن الفهم هى القاعدة .. و ألا تُشبِع أيكما قبلة أو عناق و لا تعود لكما راحة إلا فى الحياة معاً و المسيرة معاً و كفاح العمر معاً .
ذلــك هو الحــب حقـاً .
و لو سألتم .. أهو موجود ذلك الحب .. و كيف نعثر عليه ؟ لقلت نعم موجود و لكن نادر .. و هو ثمرة توفيق إلهى و له اجتهاد شخصى .
و هو نتيجة انسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر و نفوس متآلفة متراحمة بالفطرة .
و شرط حدوثه أن تكون النفوس خيِّرة أصلا جميلة أصلا .
و الجمال النفسى و الخير هو المشكاة التى يخرج منها هذا الحب .
و إذا لم تكن النفوس خيرة فإنها لا تستطيع أن تعطى فهى أصلا فقيرة مظلمة ليس عندها ما تعطيه .
و لا يجتمع الحب و الجريمة أبداً إلا فى الأفلام العربية السخيفة المفتعلة .. و ما يسمونه الحب فى تلك الأفلام هو فى حقيقته شهوات و رغبات حيوانية و نفوس مجرمة تتستر بالحب لتصل إلى أغراضها .
أما الحب فهو قرين السلام و الأمان و السكينة و هو ريح من الجنة ، أما الذى نراه فى الأفلام فهو نفث الجحيم .
و أسرار الفشل و التوفيق عند الله .. .
و نفوسنا قد تخفى أشياء تغيب عنّا نحن أصحابها . و قد لا تنسجم امرأة و رجل لأن نفسيهما مثل الماء و الزيت متنافرتان بالطبيعة ، و لو كانا مثل الماء و السكر لذابا و امتزجا و لو كانا مثل العطر و الزيت لذابا و امتزجا .. و المشكلة أن يصادف الرجل المناسب المرأة المناسبة .
و ذلك هو الحب فى كلمة واحدة : التناســـب .
تناسب النفوس و الطبائع قبل تناسب الأجسام و الأعمار و الثقافات .
و إذا شاء الله أن يرحم أحداً فمن ذا الذى يستطيع أن يمنع رحمته ..
و الحب سر من أعمق أسرار رحمتــه ..

و لا ينتهى فى الحـــب كــلام ..

No comments: