رئيس وإبن ورئيس وإبن
مقارنة قسرية بين مشهدين محملين بعدد لا يحصى من المعانى والعِبَر.
بقلم : جمال فهمى 18/9/2011
المشهد الأول ذلك الذى كنت غارقا فيه وأنا أشيّع ابن رئيس عاش (أى الأب) عمره القصير ثائرا نزيها فقيرا، ومات وقد لقبه ملح الأرض من شعبه وأمته بـ«أبو الفقراء» فلم يترك -بعد رحيله- لأولاده من متاع الدنيا شيئا يذكر سوى ما أتاحه حكمه لأبناء البسطاء والفقراء أمثالنا من فرص متكافئة لتحصيل العلم الذى نهل منه خالد، فصار أستاذا مرموقا فى الهندسة.
وأما المشهد الثانى فهو الذى يخطف أبصار الدنيا هذه الأيام،
إذ يجتمع فيه رئيس آخر مع ولدَيْه فى قفص حديدى بمحكمة جنايات، تحاكمهم بتهم بشعة، ليس أقلها الفساد واللصوصية واكتناز الثروة والمال الحرام، وليس أسوأها قتل المئات من زهرة شباب هذا الوطن وجرح وإطفاء نور البصر فى عيون آلاف آخرين، لأنهم انتفضوا وثاروا على حكمه الإجرامى الطويل، وعبروا مع الشعب كله عن الشوق لبلد ومجتمع يزهوان بالحرية والكرامة والعدالة.
تداعت فى رأسى مظاهر التناقض الفاحش بين الابنين والرئيسين، فذاك رئيس مات (عن اثنين وخمسين عاما) منذ 41 سنة كاملة، لكنه بقى وسيظل حاضرا خالدا فى ضمير شعبه، وهذا رئيس طال عمره حتى هرم وشاخ، لكنه يعانى -وهو الحى- من موت معنوى مخز ومروّع!
هذا ابن رباه أبوه على عشق الوطن وأهله، وكراهية أعدائهم والإستعداد الدائم لمقاومتهم وقتالهم، ولو كان الثمن الإستشهاد على حبل مشنقة (تذكر قضية تنظيم ثورة مصر الذى شارك خالد فى تأسيسه) وفى المقابل هناك إبن تربى على عبادة المال وعشق السلطة، لدرجة التحالف مع العدو وموالسته وإغداق الهدايا المجانية عليه (الغاز وغيره) لكى يرضى ويكفله ويدعم طمعه فى وراثة حكم أبيه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
No comments:
Post a Comment