Saturday, October 22, 2011

مؤشرات خطيرة للترشيحات

بقلم   ضياء رشوان    ٢٢/ ١٠/ ٢٠١١
حتى لحظة كتابة هذا العمود ظهر أمس الجمعة وقبل ٢٤ ساعة من إغلاق باب الترشح لمجلسى الشعب والشورى اليوم، وصل عدد المرشحين للمقاعد الفردية لمجلس الشعب إلى حوالى ٤٣٠٠ مرشح، بينما لم يتجاوز عدد القوائم الحزبية ٧٥ قائمة، أما مرشحو المقاعد الفردية لمجلس الشورى، فوصلوا إلى حوالى ٨٥٠ مرشحاً والقوائم الحزبية إلى ٣٠ قائمة.
وتعطى هذه الأرقام مؤشرات مهمة عن الحالة السياسية المصرية عموماً، والحزبية بشكل خاص، يجب الالتفات إليها، لأن لها تأثيراً كبيراً على تطور الحياة الديمقراطية فى مصر ما بعد الثورة.
وأول هذه المؤشرات وأخطرها أنه هذه المرة تم تغيير القانون لتصبح مدة الترشح سبعة أيام وليس خمسة كما كان الحال سابقاً، وبالرغم من هذا فلم يكتمل عدد المرشحين الكافى للمقاعد البرلمانية مع نهاية هذه الفترة، مما دفع اللجنة العليا للانتخابات لمدها أربعة أيام أخرى، فى سابقة لم تحدث من قبل فى التاريخ البرلمانى المصرى، لتصل مدة الترشح إلى أحد عشر يوماً. ويبدو واضحاً من أرقام المرشحين أنه حتى هذه الفترة الطويلة لفتح باب الترشح لم تكن كافية لكى تدفع الأحزاب السياسية بعدد كاف من قوائم مرشحيها فى مجلسى البرلمان، حيث بلغت فقط ٧٥ قائمة للشعب و٣٠ قائمة للشورى.ويبدو المعنى الخطير لهذه الأرقام إذا ما عرفنا أن لدينا ٤٦ دائرة مخصصة لترشيحات القوائم الحزبية فى مجلس الشعب و٣٠ دائرة لمجلس الشورى. ويعنى هذا أنه إذا ما شاركت الأحزاب الرئيسية الكبرى فى البلاد فى هذه الانتخابات فى كل هذه الدوائر وقدرنا عددها بنحو عشرين حزباً فقط من الأحزاب الحالية التى تتجاوز الأربعين، فإن عدد القوائم لمجلس الشعب يجب ألا يقل عن ٩٠٠ قائمة، بينما يبلغ لمجلس الشورى ٦٠٠ قائمة. ولما كان الحال غير ذلك تماماً، فإن الواضح هو أن الأحزاب السياسية لاتزال ضعيفة للغاية بصورة جعلتها لا تصل إلى ترشيح سوى أقل من ٨% من قوائم المرشحين التى كان عليها طرحها فى الانتخابات. وأيضاً فإن ذلك يدل على أن الأحزاب لم تستطع تجاوز ضعفها الذاتى عن طريق التحالفات والتنسيق فيما بينها فى قوائم مشتركة، فراحت الخلافات والتشققات تلتهم وتنهى كل هذه المحاولات. أما الترشيحات الفردية، فتعطى مؤشرات مخالفة تماماً للحالة الحزبية فى البلاد، فعدد مرشحى مجلس الشعب الذى بلغ ٤٣٠٠ مرشح يتنافسون على ١٦٦ مقعداً يعنى وجود نحو ٢٥ مرشحاً يتنافسون على كل مقعد، بينما بلغ عددهم فى مجلس الشورى ٨٥٠ مرشحاً بمعدل ١٤ مرشحاً لكل مقعد. وبالمقارنة بانتخابات مجلس الشعب فى أعوام ٢٠٠٠ و٢٠٠٥ و٢٠١٠، حيث تراوح عدد المرشحين للمقعد الواحد بين ٨ و١١ مرشحاً، يبدو واضحاً أن معدلات المنافسة الفردية تضاعفت أكثر من مرتين، وقد تصل إلى ثلاث مرات مع إغلاق باب الترشح.
إن هذه الأرقام والمؤشرات لا تعنى بالضرورة أن النظام الفردى للانتخابات هو الأصلح لمصر، لكنها تعنى بصورة أكبر من ناحية أن الأحزاب لم تأخذ بعد فرصتها لبناء نفسها وإعدادها لخوض الانتخابات التى أتتها على غرة وبعد أسابيع أو أيام من تأسيس بعضها، مما يؤكد من جديد أن موعد الانتخابات الحالية لم يكن هو الأوفق لبناء الحياة الحزبية فى مصر. أيضاً فالأرجح أن تعقيد النظام الانتخابى المختلط واتساع دوائره كان سبباً إضافياً لتعثر الأحزاب فى ترشيح قوائمها، وتشجيع الأفراد على التقدم بكثافة للترشح أكثر من الأحزاب.

No comments: