الخطر الاجتماعي :
يتمثّل في ضرب منظومة العقائد والقيم والأخلاق ، لدى الشعوب المختلفة في العالم ، والتي بدورها تشكل الضمير الإنساني للفرد ، الذي يُحاول السمو بالإنسان إلى مرتبة الملائكة . وأما الهدف النهائي المرتجى من بعدها الاجتماعي ، هو تشكيل أجيال جديدة تبحث بشتى الوسائل والسبل ، عما يُشبع غرائزها ورغباتها ونزواتها ، لتهبط بالإنسان إلى ما دون مرتبة الحيوان ، وبذلك يسهل على مخططي المؤامرة اليهود سياسة هذه الأجيال وتذليلها . وبالتالي لن تكون هناك معارضة ، لمثل هؤلاء فيما لو حُكموا من قبل سادة العالم الجدد ، ملوك الإلحاد والإباحية ، وهذا ما تصبوا إليه الأجيال التي هي في طور التشكّل الآن .
وقد بدأنا في السنوات الأخيرة ، نرى نماذج من المسوخ البشرية ، في العديد من بيوت المسلمين . فتيان وفتيات لا يرغبون في التعلم أو العمل ، والفشل هو السمة البارزة في أعمالهم وتوجهاتهم ونتائجهم . يجوبون الشوارع ويرتادون الأماكن العامة ويذهبون إلى الجامعات ، بحثا عن الحب والمجون والخلاعة ، بعد أن أصبحت جامعاتنا وشوارعنا معارض لدور الأزياء العالمية ، ولا أحد يريد العفاف والطهر ، لذلك تجدهم يعزفون عن الزواج ، وكما قال أحد المتعولمين : " ما دام الحليب موجود في السوق ، فما الداعي لشراء البقر ؟ " .
وأكبر الأثر في تشكيل هذه النماذج ، هي القنوات الفضائية العربية – فضلا عن قنوات الإباحة الأجنبية – وخاصة التي تضم في طاقمها مقدّمي ومقدّمات البرامج اللبنانيون ، بعرض الكاسيات العاريات المائلات المميلات ، اللواتي يتحدثن بلسان عربي مبين ، مما أعطى المبرر لفتياتنا ، وكسر الحاجز النفسي لديهن ، ليتّخذن منهن قدوة تُحتذى ، بمباركة من الأب الذي يُربّت على كتف ابنته ، أثناء مشاهدته لتلك الغواني وأولئك المخنّثين ، بعين الرضا والقبول والإعجاب والاستحسان والاستمتاع .
ما تراه اليوم أن رجال أمة الإسلام ، يتحدّون الله وحدوده وحُرماته ، عن سبق إصرار وترصّد ، وهم يدفعون فتياتهم بشكل مباشر لممارسة مهنة عرض الأزياء ، في الشوارع والأماكن العامة والجامعات وأماكن العمل . هدفهن دائما وأبدا الإغواء والفتنة بحركات وأصوات ، لا تقوم بها إلا إناث القطط في شهر شباط ، ولمرة واحدة في السنة ، أمّا رجال بلاد العرب أوطاني ، شيوخا وشبابا ، أصبحوا كذكورها ، ولكن على مدار السنة . لينتهي بهن المطاف في أحضان الرذيلة ، فلا أحد معصوم ، والذباب البشري الجائع يملأ الأجواء ، بحثا عن قطة الحلوى أو كيس للقمامة ، فلا فرق عنده . وأما الإنترنت فحدّث ولا حرج ، والنساء تتهافت عليها أكثر من الرجال …
أما أطفال أمة الإسلام ، فهم بين أيدي أمهات صفتهن قد تقدّمت أعلاه ، لا يفقهن من الزواج شيئا ، ولا يملكن من عاطفة الأمومة واحد بالمليون ، مما تمتلكه وحوش القفر . وتربية الأطفال لديهن ، تقوم على مبادئ تربية الدواجن وتسمين الخراف . أطفال مهملون في زوايا الغرف ، يحملقون في برامج المسوخ المتحركة ، وأغاني ومسلسلات وأفلام الدعارة العربية والأجنبية . أما في المدرسة فقد عُمِدَ إلى تغيير المناهج المدرسية ، لسلخ الطفل عن هويته الإسلامية العربية ، فحُذفت أمجاد الأبطال والبطولات الإسلامية ، وبدلا منها تم تصميم بطولات وهمية لأبطال من ورق . وربما يضيفون غدا مناهج التربية الجنسية لتثقيف الأجيال الناشئة ، فالغرائز تحتاج إلى تعلم . وتم تغيير أساليب التربية والتدريس ، بإلغاء عقوبة الضرب ، وإلغاء عقوبة الرسوب ، وإدخال لغة العولمة ، كمبحث أساسي في المناهج الدراسية .
وخلاصة القول بأنهم سيُهوّدون العالم ، تحت غطاء أمريكي مدموغ بِ ( made in USA ) ، لدرجة أنهم ربما ، يُجبروك على الذهاب لصلاة الجمعة ، في يوم السبت أو الأحد ، بعد إحدى ندوات حوار الأديان .
أما الخطر الاقتصادي ؛ فيتمثّل في ضرب قوانين الحماية ، التي وُضعت للمحافظة على الثروة الوطنية . لتسهيل عملية سلب ثروات الشعوب ، وتكديسها في المصارف العالمية وإفقارها وتجويعها . إذ لم يكفهم ما يقوم به البنك الدولي وصندوق النقد والخصخصة ، من نهب لثروات الشعوب ، من خلال تغلغل الاستثمارات اليهودية ، في شتى أقطار العالم ، بعد كل هزة أو أزمة اقتصادية مفتعلة ، بشكل مباشر أو غير مباشر . فموجة الخصخصة التي هي أحد برامج صندوق النقد الدولي ، أتاحت لرؤوس الأموال اليهودية ، لدخول الدول العربية ، تحت مُسميات شركات أجنبية عالمية كبرى ، أو عن طريق شركات محلية بأسماء عربية صورية ، مقابل حفنة من الدولارات .
بل ابتكروا ما هو أخطر بكثير ، الشق الأخر الذي كان ( كلينتون ) يُروّج للانضمام له ، ألا وهو ( منظمة التجارة العالمية ) ، والتي تدعو لتحرير التجارة وتحرير رأس المال . والملاحظ أن كل مبادئهم الهدامّة ، عادة ما تحمل صفة التحرير أو التحرر ، وانظر إلى هذا القول الأعرج الأعوج ، فالشعوب عندما تحمي سلعتها وصنعتها ، تصبح مُستعمِرة لتجارتها ، لذلك فهي بحاجة إلى التحرير . أما المراد من وراء ذلك في الحقيقة ، فهو السطو على مكتسبات الدول الغنية والفقيرة ، بطرق شرعية ملتوية ، مغطّاة بأوراق التغليف البراقّة الملوّنة ، لتسحر أعين الشعوب المسحوقة ، بما يُشبه عملية التنويم المغناطيسي . ولنوضح ما نقصده بذلك ، بأنك تستطيع في البداية على سبيل المثال ، الحصول على سيارة جيدة بثمن زهيد ، نتيجة تخفيض الجمارك والرسوم ، ولكن هذا التخفيض سيترتب عليه ، عجز كبير في الموازنة العامة للدولة ، فمن أين ستغطي الدولة هذا العجز برأيك ، إن لم تعتمد على فرض رسوم وضرائب بديلة تحت مسميات أخرى ، لتصل في النهاية إلى عدم القدرة ، على شراء الوقود لتلك السيارة ، لعدم قدرة الراتب على تأمين متطلبات الحياة الأساسية .
فبعد أن تمكّنوا من خلق قطعان من المستهلكين ، تنظر بعين القداسة لكل ما هو غربي ومستورد ، من منتجات ثقافية وتكنولوجية استهلاكية الطابع ، جاءوا باتفاقيات هذه المنظمة ، لرفع القيود ، من قوانين جمركية وضريبية على السلع المستوردة ، وذلك بغية فتح الأسواق الوطنية للسلع الأجنبية ، وبالتالي تتهافت المجتمعات الاستهلاكية ، على تلك السلع ، فتتسرّب العملة الوطنية إلى الخارج بلا توقف ، ويترتّب على ذلك عجز كبير ، في ميزانيات دول العالم الثالث ، التي لا تملك صناعات منافسة ، تعوّض وتعيد جزء من العملة المفقودة . لذلك ستضطر الحكومات ، إلى اتخاذ إجراءات علاجية عديدة ، لسدّ عجز الموازنة ، التي غالبا ما يتكفل بها صندوق النقد الدولي ، بزيادة الضرائب بكافة الأشكال والمُسمّيات ، بمبررات ومن غير مبررات أحيانا ، بالإضافة إلى تراكم ديون جديدة ، وزيادة الضرائب تعني رفع الأسعار تلقائيا ، وهكذا دواليك … ، وسيظهر التأثير المدمّر على شعوب الدول التي انضمّت لهذه المنظمة ، خلال فترة ربما لا تزيد عن سنة أو سنتان . وذلك عندما تبدأ المؤسسات والشركات الوطنية ، بالإفلاس والانهيار تباعا ، ومن ثم انتشار البطالة والفقر والجوع بين مواطنيها ، انتشار النار في الهشيم .
هناك فرق شاسع ، بين فلسفة الاقتصاد وفلسفة الدمار والخراب . تقضي فلسفة الاقتصاد بأن تنفق أقل مما تُنتج ، وتدّخر الفائض لتقلبات الزمن ، وأما فلسفة الدمار والخراب ، تقضي بأن تنفق أضعاف أضعاف ما تنتج ، لتنتهي في أحضان صندوق النقد الدولي ، ولا أظن من قال : " على قدّ لحافك مدّ رجليك " كان حاصلا على دكتوراه في الاقتصاد ، ليصل إلى هذه النتيجة . وأتساءل كيف عاشت البشرية ما يُقارب الستة آلاف سنة ، بدون صندوق النقد الدولي وبرامجه الإصلاحية .
أما الآن … فأمعن النظر والفكر والوجدان ، في كل ما يدور من حولك ، في بيتك ، في الشارع ، في المدرسة ، في الجامعة ، في وطنك ، بل في العالم أجمع … وأجب هن هذا التساؤل … على أيّ هدي ، يسير هذا الواقع الذي نحن عليه الآن … ؟! على هدي القرآن … أم على هدي أسياد هذا الزمان !
No comments:
Post a Comment